فإن قلت الوجه ما تحصل به المقابلة -وهو كذا في أصل الوضع- لايلزم من ذلك إثبات الجارحة المعروفة لله سبحانه، بل لايلزم إثباتها لبعض الخلق ما لم تضف، فالمعنى الذي يدل عليه أصل الوضع معنى كلي لاوجود له في خارج الذهن ما لم يقيد بإضافة.
ولايعني هذا عدم إثبات معنى حقيقي للباري، بل نثبت له معنى حقيقي يليق بجلاله، كما نثبت للمخلوق معنى يليق به بحسبه.
وهذا في حق الباري نعلم منه ما جاء النص به، ولا نتمحل في نفي أو إثبات ما لم يرد.
فإن لزم لازم أصل المعنى اللغوي أثبتناه، وإن اقتضى كذلك لازم المعنى الإضافي أثبتناه وذكرناه على سبيل الإخبار لا الوصف أو التسمية، وفي الرد السابق ذكر شيء مما يذكره أهل العلم في أصل الاحتجاج باللزوم".
أما قولك:
"لماذا؟
لأن الله لا شبه له.
تقول لي الآن: ولكن هناك لوازم لغوية.
فأقول لك: ولكن هذه اللوازم اللغوية إنما وضعت للمخلوق وليس للخالق".
فهل تعني أنك لاتعرف معاني الصفات؟
إذا قلت نعم، فقد خالفت السلف الذين قالوا المعنى معلوم ونصوصهم في هذا النحو كثيرة.
وأما الحجة التي ذكرتها وهي أن الله لاشبه له، فليست حجة على موضوعنا بل هو حق لا تعلق له بموضوعنا، فمن قال إنك إذا أثبت أصل المعنى اللغوي فقد وجب التشبيه!
هل إذا أثبت للحيوان وجه وللإنسان وجه وللهوام وجه وجب تشابه الوجوه! وهل ما لزم وجه أحدهما يلزم الآخر؟
اللهم لا.
والسبب أن أصل الوضع اللغوي لايقتضي ذلك، فإن فتحت معجم مقاييس اللغة أو أي معجم يعنى بمعرفة الأصول الوضعية اللغوية لا الإطلاقات اللفظية المستعملة لوجدت أن الوجه ما تحصل به المقابلة، وهذا معنى مشترك لا وجود له في الخارج إلاّ مقيداً فلا يلزم منه تشبيه.
وإن قلت أعني بما سبق الكيفية. فيقال لك ليست هي موضوع النقاش هنا ولا موضوع سؤال الأخ.
وأما قولك:
"فأقول لك: ولكن هذه اللوازم اللغوية إنما وضعت للمخلوق وليس للخالق.
فالعلم بالرائحة أو الإحساس بها يستلزم صفة الشم.
لكن هذا في المخلوق.
اليس كذلك؟ "
فجوابه فيما سبق وهو أن اللوازم اللغوية لأصل المعنى لا تستلزم هذا، وما تستلزمه نلتزمه.
أما ما ذكرته فلازم لبعض الإطلاقات اللغوية المقيدة لا لأصل المعنى ولهذا حصل الخلط فجلتها لازم أصل المعنى وليس كذلك، فالشين والميم أصل واحد يدل على المقاربة والمداناة، ولهذا يقلون بينا هم في وجه أشموا، أي عدلوا لأنه إذا باعد شيئاً قارب غيره [أفاده ابن فارس في مادة (شم)].
فأنت ترى أن الأصل الوضعي لما ذكرته لايقتضي العلم بالرائحة أو الإحساس.
وإنما يلزم ذلك في بعض الإطلاقات كقول من يقول الشم هو الحاسة المعروفة فهذا إطلاق لغوي صحيح بتقييد يخص (بعض) الخلق، وليس هو أصل الوضع، حتى يحمل عليه غيره.
وكثير من المأولة أو المفوضة قالوا بقولهم المنكر هذا لعدم تفريقهم بين أصل المعنى، والإطلاق اللفظي، والمعنى الحقيقي، فمن خلط بين هذه الثلاثة خالف في منهجه أهل السنة، ومن استوعبها استراح. فأثبت المعنى الكلي الذي يقتضيه وضع اللغة وأثبت لوازمه، ولم يلتزم الإطلاقات اللفظة اللغوية الأخرى، وأثبت معنى حقيقي يعلم منه ما جاء النص به وبلوازمه كالقبض لليد والبسط والطي والكتابة وغيرها.
مع التبيه على أن الشم لايثبت للباري لعدم ورود النص به ولايخاض فيه بتمحل بل يمسك عنه.
أرجو أن تكون المسألة قد بانت، وجزاك الله خيراً.
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[16 - 09 - 05, 06:22 ص]ـ
الاخ محمد
المعروف ان الاسماء توقيفية
اما الصفات فالباب فيها واسع ولا يحتاج فيها للتوقيف
فيقال من باب الصفات يا دليل الحائرين وان لم يثبت هذا من جانب التوقيف ولكن لا يقال ان من اسماء الله الدليل الا بتوقيف
والله اعلم
ـ[محمد فوزي الحفناوي]ــــــــ[18 - 09 - 05, 11:35 ص]ـ
السلام عليكم إخواني وعفوا للتأخر الخارج عن طاقتي
أشكركم إخوتي على مدى إهتمامكم وبورك فيكم, فالموضوع حق جدير بالإهتمام لأنه:
1 - لم أجد من جمع الموضوع في كل نواحيه المتشعبة وخاصة شيخ الإسلام ابن تيمية الذي أحبه وكلامه في الموضوع يحتاج للجمع
لأنه متفرق في كثير من المواضع من كتبه فحبذا لو تصدى اخ لذلك ولم شمله وجمع اطرافه ونسق بينها.
2 - متشعب الأطراف ومتداخل الطرح.
3 - منذ الثمانينات وهناك من يطرحه من الأخوة متبعي المنهج السلفي.
¥