أخي الكريم هذا الكلام فيه خلط بين أنواع الدلالة فالدلالة عند أهل العلم إما أن تكون لفظية، وإما أن تكون غير لفظية، أما غير اللفظية فلا تعلق لها بوجود النصوص الشرعية أصلاً وهي ثلاثة أقسام وضعية وعقلية وطبيعية، ويعني المنطقيون هنا بالوضعية في هذا التقسيم هي التي تكون الملازمة فيها بين شيئين تنشأ من التواضع والاصطلاح على أن وجود أحدهما يكون دليلاً على وجود الثاني. ولايعنون بها ما دل عليه أصل الوضع اللغوي.
أما الدلالة اللفظية وهي موضوع حديثنا فهي كذلك أقسام ثلاثة: عقلية، وطبيعية ووضعية. أما الوضعية هنا فما يقتضيه إطلاق اللفظ بغير تقييد.
وإذا تقرر هذا علم أنه لايصح أن يقال في دلالة نص وراد الدلالة فيه عقلية لا لغوية. فالعقلية هنا من أقسام اللغوية.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن المنطقيين يجعلون دلالة الالتزام والتضمن والمطابقة من الأقسام اللفظية الوضعية اللغوية لا غير اللفظية عقلية كانت أو غيرها.
ولايعني هذا أن دلالة الالتزام لا مدخل للعقل فيها بل الأمر مركب من الإثنين؛ الذهن والوضع، فإذا عرفت الأصل اللغوي وتقرر معناه المطابق، عرفت بالذهن لازمه كدلالة الأربعة على الزوجية والثلاثة على الفردية، تفرع عنه معرفة اللازم والملزوم بالعقل لذلك الأصل الوضعي، فاللازم العقلي هو في حقيقته استدلال نظري بالملزوم على اللازم الذي عرف بالوضع أنه لازم، وما العقل إلاّ آلة استدلال تربط الملزوم باللازم.
فإذا كان الإلزام العقلي بما يوافق الأصل اللغوي سلم، وإن لم يكن كذلك لم يسلم وطلب برهانه.
وهنا ينبغي التنبيه على أنه ليس من شرط دلالة الإلتزام أن تكون ذهنية عقلية فقط، بل قد تكون دلالة الالتزام دلالة لزوم عرفي أي أن العقل لايحكم إلاّ بعد ملاحظة تكرار المشاهدة والتجربة التي دل العرف على والتكرار على لزومها.
وهذا كثير في القرآن والسنة وكل باب الكناية قائم عليه.
وينقسم اللازم أيضاً باعتبارات أخرى ولعل المعنى المراد قد اتضح فلا أسترسل فيه.
ثم قلتم بورك فيكم: "وقوله بورك فيه:
ولكن الإشكال يقع عند من يجعل لازم للمخلوق لازم للخالق .......
فيقال اليس هذا نفس قول من قال قياس الغائب على الشاهد لا يجوز بإطلاق".
ليس بالضرورة أن تكون هي إياها، فلازم المخلوق لازم مقيد بالمخلوق يليق به يضاف إليه، ككون يد بعض الخلائق جارحة تجترح بها وتكتسب، وليس هذا لازم الوضع وقد نقلت تقريره من كلام شيخ الإسلام في مشاركات قديمة، فليس بالضرورة أن يكون لازم المخلوق هو الكمال الذي نقول إن الله تعالى أولى به.
ثم قلتم حفظكم الله: "وقوله للأخ سيلمان حفضهما الله:
فهل تعني أنك لاتعرف معاني الصفات؟
إذا قلت نعم، فقد خالفت السلف الذين قالوا المعنى معلوم ونصوصهم في هذا النحو كثيرة ....
الذي فهمته ان قصد الأخ سليمان انه لايعرف المعنى الزائد الذي دل عليه اللزوم لا معنى الأصل الوضعي".
أولاً: هذا لايستقيم مع ما ذكره الأخ الكريم، يبين هذا مثاله المضروب. ويبينه عطفه على التخيير بين معرفة الصفة أو معرفة لوازمها فتأمله.
ثانياً: لنفرض أن ما فهمته -رفع الله قدرك- صحيح، أعني يريد أنه لايمكن معرفة اللوازم اللغوية فقط لا المعنى إلاّ بنص. فهل هذا مسلم؟ الجواب لا وقد سبق بيان شيء من ذلك في جواب الأخ الكريم أسامة عباس فليراجع. والذي يظهر من كلام الأخ الكريم أنه يرى أن اللوازم لامدخل للعقل في معرفتها وهذا قول غريب لعله لم يقل به أحد من أهل العلم سنة أو غيرهم.
ثم قلتم: "أولا: الدلالة الوضعية هي دلالة المطابقة والتضمن ,وأما التلازم فدلالته عقلية لأن اللفظ إذا وضع للمسمى انتقل الذهن من المسمى إلى لازمه ولازمه غير داخل في معنى المسمى فهو خارج فيصبح هذا من باب الإستدلال على صفة لها معنى آخر بالعقل لا دخل لمعرفة اللسان العربي أو غيره فيها, فكيف يلتقي هذا مع قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغيره صفات الله توقيفية لا مجال للعقل فيعا.
ثانيا: ان هذا الإستدلال نوع من القياس وهذا يحتاج الى اصل ثابت محسوس -قياس الغائب على الشاهد -أو عقلي او الأثنين معا ليقاس عليه
ثالثا: قولنا بقاعدة الصفات توقيفية اي لابد ان تكون دلالتها لغوية من النصوص وهذا يشمل المطابقة والتضمن فقط".
¥