قال البخاري بعد ما أورد حديث عبد الله بن عباس: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم)) وقال غيره: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم محرماً في رمضان إنما خرج في ذي القعدة، واعتمر أربع عمر كلها في ذي القعدة، والمتطوع له أن يحتجم ويفطر، إلا أن يكون فرضاً، ولم يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عليه فرض، وقد قال ثوبان وشداد، عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أفطر الحاجم والمحجوم) "التاريخ الأوسط" (1/ 437 تحقيق محمد بن إبراهيم اللحيدان).
قال ابن القيم: ((فصل ... جواز احتجام الصائم، فإن في صحيح البخاري: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم))، ولكن هل يفطر بذلك أم لا؟ مسألة أخرى، الصواب: الفطر بالحجامة؛ لصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير معارض، وأصح ما يعارض به حديث حجامته وهو صائم، ولكن لا يدل على عدم الفطر إلا بعد أربعة أمور:
أحدهما: أن الصوم كان فرضاً.
الثاني:أنه كان مقيماً.
الثالث: أنه لم يكن به مرض احتاج معه إلى الحجامة.
الرابع: أن هذا الحديث متأخر عن قوله: ((أفطر الحاجم والمحجوم)).
فإذا ثبتت هذه المقدمات الأربع أمكن الاستدلال بفعله صلى الله عليه وسلم على بقاء الصوم مع الحجامة، وإلا فما المانع أن يكون الصّوم نفلاً يجوز الخروج منه بالحجامة وغيرها، أو من رمضان لكنه في السفر، أو من رمضان في الحضر لكن دعت الحاجة إليها، كما تدعو حاجة من به مرض إلى الفطر، أو يكون فرضاً من رمضان في الحضر من غير الحاجة إليها، لكنّه مُبقَّى على الأصل، وقوله ((أفطر الحاجم والمحجوم)) ناقل ومتأخر، فيتعين المصير إليه، ولا سبيل إلى إثبات واحدة من هذه المقدمات الأربع، فكيف بإثباتها كلها)) ينظر "زاد المعاد" (4/ 61 - 62) ..
توضيح:
قال ابن حزم: صَحَّ حديث ((أفطر الحاجم والمحجوم)) بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد: ((رخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم))، وإسناده صحيح فوجب الأخذ به، لأن الرخصة [إنما تكون بعد العزيمة)).
قلت: لا يصح حديث أبي سعيد مرفوعاً، بل هو قول له لا أكثر، ودونك البيان بإيجاز.
يروي هذا الحديث أبو المتوكل عن أبي سعيد الخدري، واختلف عليه:
أولاً: فرواه خالد الحذاء واختلف عليه:
فرواه إسحاق بن يوسف الأزرق عن الثوري عن خالد الحذاء عن أبي المتوكل عن أبي سعيد: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الحجامة للصائم).
أخرجه النسائي في "الكبرى" (2/ 237) والترمذى فى "العلل" الكبير (1/ 366 ط. الأقصى)، وابن خزيمة (3/ 231)، والبزار (1/ 477 "زوائده")، والطبراني في "الأوسط" (8/ 10رقم 7797)، والدار قطني في "السنن" (2/ 182)، وفي "العلل" (11/ 346 س:2330)، والبيهقي في "الكبرى" (4/ 439).
وخالفه عبيد الله الأشجعي فأوقفه:
فرواه الأشجعي عن الثوري عن خالد عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قال: ((رخص للصائم في الحجامة والقبلة))، أخرجه ابن خزيمة (3/ 231)، والدارقطني في "السنن" (2/ 182) وفي "العلل" (11/ 346) والبيهقي في "الكبرى" (4/ 440رقم8270) قلت: وهذا هو الصواب ودونك الإثبات: قال الترمذي في "علله الكبير" (1/ 367): ((سألت محمداً [يعني البخاري] عن هذا الحديث، فقال: حديث إسحاق الأزرق عن سفيان هو خطأ)) اهـ.
- وقال أبو حاتم وأبو زرعة الإمامان الرازيان: وَهِمَ إِسحاقُ في هذا الحديث "علل ابن أبي حاتم" (1/ 232).
- قال الترمذي في "العلل الكبير":وحديث أبي المتوكل عن أبي سعيد موقوفاً أصح، هكذا رَوى قتادة وغيرُ واحد عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قوله.
- وقال الطبراني في "الأوسط":لم يروه عن سفيان إلا إسحاق.
- وقال البزار: لا نعلم أحداً رفعه إلا إسحاق عن الثوري.
ثانياً: رواه حميد الطويل واختلف عليه.
فرواه المعتمر بن سليمان عن حميد عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قال: ((رخص النبي صلى الله عليه وسلم في القبلة للصائم، ورخص في الحجامة)).
أخرجه النسائي في "الكبرى" (2/ 236 - 237)، وابن خزيمة (3/ 230) وأعلَّهُ، والطبراني في "الأوسط" (3/ 138رقم 2725)، والبزار في مسنده (1/ 480 "زوائده")، والدار قطني في "السنن" (2/ 182) والبيهقي في "الكبرى" (4/ 439).
وخالفه جماعة فأوقفوه:
¥