تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن قاسم (قال أبو محمد: لا أعلم لما ذهب إليه الأئمة وجها لمخالفة السنة وظاهر القرآن فإن ظاهر القرآن إباحة القصر لمن ضرب في الأرض , وهو كما قال , فإن التحديد بذلك ليس بثابت بنص ولا إجماع ولا قياس ولا حجة لتحديده بل الحجة مع من أباح القصر لكل مسافر .. ) حاشية الزاد 2 - 380

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم: (اختلف العلماء في مقدار مسافة القصر، فالمشهور عند الجمهور أنها مسيرة يومين قاصدين بسير الأثقال ودبيب الأقدام، وهي ستة عشر فرسخاً، أربعة برد. وقال بعض المحققين إنه لا تحديد فيها، بل كل ما سمى سفراً عرفاً واحتاج إلى حمل الزاد والمزاد والراحلة للركوب فهو سفر تستباح به رخص السفر، وهذا هو الأصح دليلاً، لعدم ورود حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحديد ذلك).

قال الشيخ ابن عثيمين: (والصحيح: أنه لا حد للسفر بالمسافة؛ لأن التحديد كما قال صاحب المغني: «يحتاج إلى توقيف، وليس لما صار إليه المحددون حجة، وأقوال الصحابة متعارضة مختلفة، ولا حجة فيها مع الاختلاف، ولأن التقدير مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ولظاهر القرآن، ولأن التقدير بابه التوقيف فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد، والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الإِجماع على خلافه».اهـ. والتوقيف معناه الاقتصار على النص من الشارع، والله يعلم أن المسلمين يسافرون في الليل والنهار ولم يرد حرف واحد يقول: إن تحديد السفر مسافته كذا وكذا، ولم يتكلم أحد من الصحابة بطلب التحديد في السفر، مع أنهم في الأشياء المجملة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن تفسيرها وبيانها، فلما لم يسألوا علم أن الأمر عندهم واضح، وأن هذا معنى لغوي يرجع فيه إلى ما تقتضيه اللغة وإذا كان كذلك ننظر هل للسفر حد في اللغة العربية؟ ففي مقاييس اللغة لابن فارس: ما يدل على أنه مفارقة مكان السكنى.

وإذا كان لم يرو عن الرسول صلى الله عليه وسلم تقييد السفر بالمسافة، وليس هناك حقيقة لغوية تقيده كان المرجع فيه إلى العرف وقد ثبت في «صحيح مسلم» عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلَّى ركعتين. ومعلوم أن ثلاثة فراسخ نسبتها إلى ستة عشر فرسخاً يسيرة جداً.

فالصحيح أنه لا حد للمسافة، وإنما يرجع في ذلك إلى العرف، ولكن شيخ الإِسلام ابن تيمية قال: إن المسافة الطويلة في الزمن القصير سفر، والإِقامة الطويلة في المسافة القصيرة سفر، فالمسألة لا تخلو من أربع حالات:

1 _مدة طويلة في مسافة طويلة، فهذا سفر لا إشكال فيه، كما لو ذهب في الطائرة من القصيم إلى مكة، وبقي فيها عشرة أيام.

2 _مدة قصيرة في مسافة قصيرة فهذا ليس بسفر، كما لو خرج مثلاً من عنيزة إلى بريدة في ضحى يوم ورجع، أو إلى الرس أو إلى أبعد من ذلك، لكنه قريب لا يعد مسافة طويلة.

3 _مدة طويلة في مسافة قصيرة بمعنى أنه ذهب إلى مكان قريب لا ينسب لبلده، وليس منها، وبقي يومين أو ثلاثة فهذا سفر، فلو ذهب إنسان من عنيزة إلى بريدة مثلاً ليقيم ثلاثة أيام أو يومين أو ما أشبه ذلك فهو مسافر.

4 _مدة قصيرة في مسافة طويلة، كمَن ذهب مثلاً من القصيم إلى جدة في يومه ورجع فهذا يسمى سفراً؛ لأن الناس يتأهبون له، ويرون أنهم مسافرون .. ) الشرح الممتع 4 - 350

قال الشيخ عبد الله بن جبرين في شرحه على منهج السالكين (متى يكون الإنسان مسافرا؟ قيل: السفر هو ما لا يقطع إلا بمشقة وكلفة. وقيل: السفر ما احتاج إلى زاد ومزاد. وقيل: السفر ما يلزم منه غيبة طويلة، بحيث إذا قدم يُلاقى ويُهنأ ويُحيّى. هذه تعريفات لاسم السفر. ومنهم من حدده بالمسافة، فقال: مسافته ثمانية وأربعون ميلا، والميل قريب من ألف وسبعمائة مترا، يعني نحو 2 كيلو إلا ربع أو قريب منه، فيكون قريبا من خمسة وثمانين كيلو، أو تسعين. هكذا حدده بعضهم، وأكثرهم حدده باليوم، أنه مسيرة يومين قاصدين، وقالوا: إن مسيرة اليوم لا تسمى سفرا. وذهب بعض المحققين -كشيخ الإسلام- إلى أنه لا يحدد بمسافة، ورأى أن تحديده بالزمان لا بالمسافة، وأنه إذا سافر مسيرة يوم ونصف، ولو لم يقطع إلا عشرين ميلا سمي مسافرا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير