ومما جاء من ذلك في كلام العلماء على سبيل المثال لا على وجه الاستقصاء:
قال أبو وائل (): لما احتضر مسروق بن الأجدع قال أموت على أمر لم يسنه رسول الله ? ولا أبو بكر ولا عمر، أما إني لست أدع صفراء ولا بيضاء إلا ما في سيفي هذا، فبيعوه وكفنوني به.
وفي المدونة (): قلت: ويجوز التبر الأحمر الإبريز الهرقلي الجيد، بالذهب الأصفر ذهب العمل ()؛ واحد من هذا بواحد من هذا وفضل؟
قال مالك: لا يصلح إلا مثلا بمثل.
قلت: فلو اشترى دنانير منقوشة مضروبة ذهبا إبريزا أحمرا جيدا، بتبر ذهب أصفر للعمل وزنا بوزن؟
قال: قال مالك: ذلك جائز.
قلت: فإن أصاب في الدنانير ما لا تجوز عينه في السوق، وذهبه جيد أحمر، أينتقض الصرف بينهما أم لا؟
قال: لم أسمع من مالك فيه شيئا، ولا أرى أن ينتقض الصرف بينهما، ولا أرى له أن يرد لما دخل الدنانير من نقصان العين؛ لأن ذهبه مثل الذهب التي أعطى وأفضل، فليس له أن يرجع بشيء؛ إلا أن يصيب ذهب الدنانير ذهبا مغشوشا؛ فينتقض من الذهب بوزن الدنانير التي أصابها دون ذهبه، ولا ينتقض الصرف كله.
وفي المدونة أيضا (): قلت: أرأيت لو أني صارفت رجلا دنانير سكية مضروبة ذهبا أصفر بذهب تبر مكسور إبريز أحمر وزنا بوزن؟
قال: لا بأس بذلك.
قلت: فلو كانت دنانيري ذهبا أصفر كلها سكية مضروبة، فبعتها منه بذهب تبر إبريز أحمر، ومعها دنانير ذهب أصفر سكية مضروبة نصفها تبر ونصفها سكية مثل سكة الدنانير الأخرى؟ قال: إذا كانت السكتان نفاقهما عند الناس سواء، التي مع الإبريز التبر، والتي ليس معها شيء فهو جائز، كان التبر أرفع من الدنانير أو دون الدنانير.
وروى الطحاوي () من طريق طعمة بن عمرو قال: رأيت صفرة الذهب بين ثنايا أو قال بين ثنيتي موسى بن طلحة.
وقال ابن عبدالبر (): فالفضة السوداء والبيضاء والذهب الأحمر والأصفر كل ذلك لا يجوز بيع بعضه ببعض إلا مثلا بمثل وزنا بوزن سواء بسواء.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ():الذهب كله أحمر.
وقال الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع (): ولا يعرف للذهب لون غير الصفرة.
وقال شيخنا د. إبراهيم بن محمد الصبيحي: ومن المعلوم أن لون الذهب ما بين الحمرة والصفرة. ()
خامسا: ما جاء في ذلك من اللطائف
عن عطاء بن مسلم الحلبي قال (): كان الأعمش إذا غضب على أصحاب الحديث قال: لا أحدثكم ولا كرامة، ولا تستأهلونه ولا يرى عليكم أثره.
فلا يزالون به حتى يرضى، فيقول: نعم وكرامة، وكم أنتم في الناس، والله لأنتم أعز من الذهب الأحمر.
قال علي بن خَشْرَم (): سئل بشر بن الحارث عن أحمد بن حنبل بعد المحنة؟
قال: ابن حنبل أُدخل الكير فخرج ذهبا أحمر.
وفي رواية: سمعت بشر بن الحارث رحمه الله، وسئل عن أحمد بن حنبل؟ فقال: أنا أُسأل عن أحمد رحمة الله عليه؟! إن ابن حنبل أُدخل الكير فخرج ذهبا أحمر.
وفي معجم البلدان (): وقال أهل السير: لما قدم تبع المدينة وكان منزله بقباء واحتفر البئر التي يقال لها بئر الملك، وبه سميت فاحتوى ماءها فدخلت عليه امرأة من بني زريق يقال لها فاكهة، فشكا إليها وباء بئره.
فانطلقت واستقت له من ماء رومة، ثم جاءته به فشربه فأعجبه، فقال لها: زيدي، فكانت تصير إليه مقامه بالماء من رومة، فلما ارتحل، قال لها: يا فاكهة ما معنا من الصفراء ولا البيضاء شيء، ولكن ما تركنا من أزوادنا ومتاعنا فهو لك.
فلما سار نقلت جميع ذلك، فيقال: إنها وأولادها أكثر بني زريق مالا،حتى جاء الإسلام.
وفي تأريخ بغداد () عن عبد الله بن أبي سهل قال: لما بنى المأمون على بوران بنت الحسن بن سهل وانحدر إليهم إلى ناحية واسط فرش له يوم البناء حصير من ذهب مسفوف، ونثر عليه جوهر كثير فجعل بياض الدر يشرق على صفرة الذهب وما مسه أحد، فوجه الحسن الى المأمون هذا نثار يجب أن يلقط.
فقال المأمون لمن حوله من بنات الخلفاء: شرِّفن أبا محمد، فمدت كل واحدة منهن يدها فأخذت درة، وبقي باقي الدر يلوح على الحصير الذهب.
فقال المأمون: قاتل الله أبا نواس، لقد شبه بشيء ما رآه قط، فأحسن في وصف الخمر والحباب الذي فوقها فقال:
كأن صغرى وكبرى من فواقعها حصباء در على أرض من الذهب
فكيف لو رأى هذا معاينة. وكان أبو نواس في هذا الوقت قد مات.
¥