تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والخلاصة: أن الذهب في أصله أصفر اللون، ولا يوجد ذهب أبيض في أصله، لكن قد يضاف إليه مواد تغير لون الذهب الأصفر، فيكون أبيض، أو أحمر، أو غير ذلك، بحسب المادة التي يخلط بها؛ وإنما كثر وصفه بالحمرة لأن الغالب أنه كان يخلط بشيء من النحاس، وسيأتي لذلك مزيد بيان في الفصل التالي إن شاء الله تعالى.

أما ما يوجد في الأسواق الآن ويسمى بالذهب الأبيض، فهو ذهب أصفر حقيقي، خلط ببعض المواد، أضْفَتْ إليه هذا اللون، لكنها لم تخرجه عن حقيقته، إلا إنه بخلطها معه لم يعد الذهب صافيا نقيا وهو المعروف الآن بعيار 24، بل أصبح مشوبا بغيره مما ينقص مقدار الذهب إلى عيارات أخرى 21 أو 18 أو غيرها، بحسب مقدار النوع الآخر الذي خلط به الذهب. وسنذكر بمشيئة الله تعالى في الفصل التالي ما يبين حقيقة ما يسمى بالذهب الأبيض.

الفصل الثاني

ما ذُكر في المراجع العلمية والمجلات عن حقيقة الذهب الأبيض

لما كان الواجب على الفقيه إذا أراد التعرف على حقائق الأمور التي لم يسبق له معرفتها؛ الرجوع إلى أهلها المختصّين بها، كان لزاما علينا في هذا البحث أن نرجع إلى أقوال المختصّين بالمعادن، والصاغة؛ للتعرف على حقيقة الذهب الأبيض؛ وما أحسن ما قاله العلامة ابن القيم في مثل هذا في كتابه الفريد إعلام الموقعين () حيث قال:

اختلف الفقهاء في جواز بيع المغيبات في الأرض من البصل والثوم والجزر واللفت والفجل والقلقاس ونحوها على قولين أحدهما المنع من بيعه كذلك لأنه مجهول غير مشاهد والورق لا يدل على باطنه بخلاف ظاهر الصبرة، وعند أصحاب هذا القول لا يباع حتى يقلع.

والقول الثاني يجوز بيعه كذلك على ما جرت به عادة أصحاب الحقول، وهذا قول أهل المدينة، وهو أحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد اختاره شيخنا، وهو الصواب المقطوع به، فإن في المنع من بيع ذلك حتى يقلع أعظم الضرر والحرج والمشقة، مع ما فيه من الفساد الذي لا تأتي به شريعة، فإنه إن قلعه كله في وقت واحد تعرض للتلف والفساد، وإن قيل كلما أردت بيع شيء منه فاقلعه كان فيه من الحرج والعسر ما هو معلوم، وإن قيل اتركه في الأرض حتى يفسد ولاتبعه فيها فهذا لا تأتي به شريعة.

وبالجمله فالمُفتون بهذا القول لو بُلوا بذلك في حقولهم أو ما هو وقف عليهم ونحو ذلك لم يمكنهم إلا بيعه في الأرض ولابد، أو أتلافه وعدم الانتفاع به.

وقول القائل إن هذا غرر ومجهول، فهذا ليس حظ الفقيه ولا هو من شأنه، وإنما هذا من شأن أهل الخبرة بذلك فإن عدوه قمارا أو غررا فهم أعلم بذلك، وإنما حظ الفقيه يَحل كذا لأن الله أباحه، ويَحرم كذا لأن الله حرمه، وقال الله وقال رسوله وقال الصحابة، وأما أن يرى هذا خطرا وقمارأ أو غررا فليس من شأنه بل أربابه أخبر بهذا منه، والمرجع إليهم فيه، كما يرجع إليهم في كون هذا الوصف عيبا أم لا، وكون هذا البيع مربحا أم لا، وكون هذه السلعة نافقة في وقت كذا وبلد كذا ونحو ذلك من الأوصاف الحسية والأمور العرفية؛ فالفقهاء بالنسبة إليهم فيها مثلهم بالنسبة إلى ما في الأحكام الشرعية. اهـ كلامه رحمه الله.

ولقد تضافرت أقوال المختصّين بالذهب على أن الذهب الأبيض ذهب حقيقي أضيفت له بعض المواد التي صبغته باللون الأبيض لكنها لم تخرجه عن حقيقته، وأنا أنقل لك ما وقفت عليه من أقوالهم في هذا:

قال الأستاذ الدكتور ممدوح عبد الغفور حسن في كتابه (مملكة المعادن): والذهب النقي ليس صلدا بدرجة كافية تصلح لصناعة المجوهرات، ولكنه يخلط بالنحاس أو الفضة أو النيكل أو البلاتين لزيادة صلادته، وفي نفس الوقت إكسابه ألوانا مميزة، فقليل من النحاس يضفي عليه احمرار () في اللون، أما الفضة فإنها تضفي عليه مسحة من البياض، أما زيادة نسبة البلاتين إلى 25 % أو النيكل إلى 15 % فإنها تعطي سبيكة تسمى (الذهب الأبيض).اهـ ()

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير