تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا ضم الثمن الذي عالت به الفريضة إلى أصل الفريضة ثم ثلاثة العول، وهو الثمن الذي عيل به للزوجة إلى الأربعة والعشرين التي هي أصل الفريضة صارت سبعة وعشرين، والثلاثة من السبعة والعشرين تسعها، ومن الأربعة والعشرين ثمنها.

فهذه .. ابن حزم أيهما يحجب؟ هل البنتان تحجبان؟ لا، والله. هل الأب والأم يحجبان؟ لا، والله. هل الزوجة تحجب؟ لا، والله.

ليس فيهم من يحجبه أحد، وكلاهما أهل فروض منصوصة في كتاب الله، ولا يحجب أحد منهم أبدا.

ففي هذا يذكر قوله: إن من هو أضعف سببا فإنه يحجب وقدموا عليه غيره.

ثم لتعلموا أن الحقيقة الفاصلة في هذا أنه ورد عن السلف من الصحابة ومن بعدهم كثير من الآثار المستفيضة في ذم الرأي والقياس، وأجمع الصحابة والتابعون على العمل بالقياس، واستنباط ما سكت عنه مما نطق به الوحي.

هذا أمر لا نزاع فيه، فمن جمد على النصوص، ولم يلحق المسكوت عنه بالمنطوق به فقد ضل وأضل. ومن هذا النوع ما أجمع عليه جميع المسلمين حتى سلف ابن حزم وهو داود بن علي الظاهري كان لا ينكر القياس المعروف والذي يسميه الإمام الشافعي القياس في معنى الأصل، ويقول له القياس الجليل.

وهو المعروف عند الفقهاء بمفهوم الموافقة والإلغاء الفارق، ويسمى نفي الفارق وهو نوع من توضيح .. ، فقد أجمع جميع المسلمين على أن المسكوت عنه يلحق بالمنطوق، وأن قول ابن حزم إنه مسكوت عنه لم يتعرض له لأنه كذب محض وافتراء على الشرع، وأن الشرع لم يسكت عنه.

فقوله تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ يقول ابن حزم إن هذه الآية ناطقة بالنهي عن التأفيف ولكنها ساكتة عن حكم الضرب. ونحن نقول: لا، والله، لما نهى عن التأفيف الذي هو أخف الأذى فقد دلت هذه الآية من باب أولى على أن ضرب الوالدين أشد حرمة، وأشد جرما، وأن الآية غير ساكتة عنها بل نبهت على الأكبر بما هو أصغر منه، فلما نهت التأفيف وهو أقل أذية من الضرب لم تسكت عن الضرب.

ونقول: إن قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ أن هذه الآية ليست ساكتة عمن عمل مثقال جبل أحد فلا نقول: نص على الذرة، وما فوق الذرة أو أثقل منها لا يؤخذ من الآية فهي ساكتة عنه، بل نقول: إن الآية غير ساكتة عنه، وإن ذلك المسكوت يلحق بهذا المنطوق.

وكذلك قوله: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ من جاء بأربعة عدول فلا نقول: أربعة عدول مسكوت عنها، بل نقول: إن الآية التي نصت على قبول شهادة العدلين دالة على قبول شهادة أربعة عدول، ونقول: إن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا لا نقول كما يقول ابن حزم إنها ساكتة عن إحراق مال اليتيم وإغراقه؛ لأنها نصت على حرمة أكله فقط، بل نقول: إن الآية التي نهت عن أكله دلت على حرمة إغراقه وإحراقه بالنار؛ لأن الجميع إتلاف.

ومما يدل على أن ما يقوله ابن حزم لا يقول به عاقل أن ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من النهي عن البول في الماء الراكد. يقول ابن حزم لو بال في قارورة وصبها في الماء لم يكن هذا من المكروه؛ لأن النبي لم ينه عن هذا، وإنما قال: لا يبولن أحدكم في الماء الراكد -الماء الدائم- ثم يغتسل فيه ولم يقل: لا يبولن أحدكم في الإناء، ثم يصبه في الماء الراكد، وهذا لا يعقل.

أيعقل أحد أن الشرع الكريم ينهى عن أن يبول إنسان بقطرات قليلة أقل من ربع الوزن فيه؟ ثم إنه يجوز له أن يملأ ..

يدهش عقله، أو في جوع شديد مفرط يدهش عقله، ونحو ذلك من مشوشات الفكر التي هي أعظم من الغضب فليس في المسلمين من يعقل. ويقال للقاضي: احكم بين الناس وأنت في غاية تشويش الفكر بالجوع والعطش المفرطين، أو الحزن والسرور المفرطين، أو الحقن والحقد المفرطين. والحقن مدافعة البول، والحقد مدافعة الغائط؛ لأن الإنسان إذا كان يدافع البول أو الغائط مدافعة شديدة كان مشوش الفكر مشغول الخاطر، لا يمكن أن يتعقل حجج الخصوم، فمثل هذا ليس في العلماء.

إذا قال العلماء: إن القاضي لا يجوز له أن يحكم وهو مشوش الفكر فنعلم أن قول ابن حزم أنهم إنما جاءوا

تشريع جديد فإنه كذب، وأن حديث: لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان يدل على أن من كان فكره متشوشا تشويشا أشد من الغضب أولى بالمنع من هذا الحكم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير