تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد أخرج البخاري في صحيحه [8] عن أبي إسحاق السبيعي قال: سُئل البراء بن عازب -رضي الله عنه -: (أكان وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل السيف؟! [9])، قال: (لا، بل مثل القمر)، وأخرج مسلم في صحيحه [10] عن سماك بن حرب أنه سمع جابر بن سمرة - رضي الله عنه - يقول: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شمط مقدم رأسه ولحيته، وكان إذا أدَّهن لم يتبيَّن، وإذا شعث رأسه تبين، وكان كثير شعر اللحية)، فقال رجل: (وجهه مثل السيف؟!)، قال: (لا، بل كان مثل الشمس والقمر، وكان مستديراً، ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده).

وأخرج البيهقي [11] عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: قلت للربيع بنت معوذ: صفي لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟، فقالت: (يا بني لو رأيته رأيت الشمس طالعة!).

وقد وصفت أم معبد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سُئلت عنه حينما هاجر إلى المدينة ومرَّ بخيمتيها ..

قال ابن القيم - رحمه الله – في كلامه على هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة: [" فصل " ثم مرَّ في مسيره ذلك حتى مرَّ بخيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت امرأة جَلْدَةً تحتبي بفناء الخيمة، ثم تُطعم وتسقي مَن مَرَّ بها، فسألاها هل عندها شيء؟!، فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القِرى والشاة عازب - وكانت سَنَةً شهباء - فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كِسْر الخيمة، فقال: (ما هذه الشاة يا أم معبد؟!)، قالت: شاة خلَّفها الجهد عن الغنم، قال: (هل بها من لبن؟!)، قالت: هي أجهد من ذلك، فقال: (أتأذنين لي أن أحلبها؟!)، قالت: نعم بأبي وأمي .. إن رأيت بها حلباً فاحلبها .. فمسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرعها وسمى الله ودعا، فتفاجت عليه ودرَّت، فدعا بإناء يربض الرهط فحلب فيه حتى عَلَته الرغوة، فسقاها فشَرِبت حتى رويت وسقا أصحابه حتى رَوَوْا، ثم شَرِب وحَلَب ثانياً حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها، فارتحلوا، فقلَّما لَبِثَ أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً عِجَافاً يتساوَكن هُزَالاً، فلما رأى اللَّبَن عَجِب فقال: (من أين لكِ هذا والشاة عازبٌ ولا حلوبةٌ في البيت؟!)، فقالت: لا واللهِ إلا أنه مَرَّ بنا رجلٌ مُبارك كان من حديثه كَيْت وكَيْت ومن حاله كذا وكذا؛ قال: (والله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلبه .. صِفِيه لي يا أم معبد)، قالت: ظاهرَ الوضاءة، مليح الوجه , حَسَن الخلْق لم تَعِبْه ثُجْلة {أي كِبَر البطن} , ولم تُزْرِ به صَعْلَه {أي صِغَر الرأس}، وسيمٌ قسيمٌ، في عينيه دَعج {أي شِدّة سواد الحدَقَة}، وفي أشفاره وَطف {أي في شَعْر أجفانه طول}، وفي صوته صَحَل [12]، وفي عنقه سَطَع {أي نور وطُول}، وفي لِحيته كَثَاثة [13]، أكحلٌ، أزجٌّ {أي المتقوِّس الحاجبين}، أقرنٌ {وهو التقاء الحاجبين بين العينين [14]}، شديدُ سواد الشَّعَر، إذا صَمَت علاه الوقار {أي الهيْبة}، وإنْ تكلَّم علاَه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب , حُلْو المنطق , كأن مَنْطِقَه خرزات نَظْم {أي الدُّرّ من حسنه وبلاغته وبيانه وحلاوة لسانه}، رَبْعة لا تقحمه عين من قِصَر، ولا تشنؤه من طُول غصن بين غصنين {أي لا تبغضه لفرْط طوله}، فهو أنضَر الثلاثة مَنظَراً وأحسنهم قدراً، له رفقاء يَحُفُّون به .. إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمرَ تبادروا إلى أمره , محفود محشود {أي يخدمه أصحابه ويجتمعون إليه، لا عابس {أي متجهم الوجه}، ولا مُفَند {والمفند هو الذي لا فائدة في كلامه لكبر أصابه}؛ فقال أبو مَعْبد: (هذا - واللهِ - صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا، لقد هممت أن أصحبه، ولأفعلنَّ إن وجدتُ إلى ذلك سبيلاً!)] انتهى [15].

هذا وصفُ امرأة عربية بدوية للطلعة البهية - صلى الله عليه وسلم -، أما الكفرة الفجرة فيقال لهم وصُوَرَهُمْ: (ما ضر القمر نباح الكلاب)!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير