تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا العمل لا أصل له ولا دليل عليه، فهو بدعة في صفة التكبير ما أنزل الله بها من سلطان، فمن أنكر التكبير بهذه الصفة فهو محق؛ وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " أي مردود غير مشروع، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ".

والتكبير الجماعي محدث فهو بدعة، وعمل الناس إذا خالف الشرع المطهر وجب منعه وإنكاره؛ لأن العبادات توقيفية لا يشرع فيها إلا ما دل عليه الكتاب والسنة، أما أقوال الناس وآراؤهم فلا حجة فيها إذا خالفت الأدلة الشرعية، وهكذا المصالح المرسلة لا تثبت بها العبادات، وإنما تثبت العبادة بنص من الكتاب أو السنة أو إجماع قطعي.

والمشروع أن يكبر المسلم على الصفة المشروعة الثابتة بالأدلة الشرعية وهي التكبير فرادى.

وقد أنكر التكبير الجماعي ومنع منه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية – رحمه الله – وأصدر في ذلك فتوى، وصدر مني في منعه أكثر من فتوى، وصدر في منعه - أيضاً - فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

وألّف فضيلة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري – رحمه الله – رسالة قيمة في إنكاره والمنع منه، وهي مطبوعة ومتداولة وفيها من الأدلة على منع التكبير الجماعي ما يكفي ويشفي – والحمد لله – وأما الإحتجاج بفعل عمر – رضي الله عنه – والناس في مِنَى بحيث كان يكبر في قبته فيكبر الناس بتكبيره حتى ترتج منى بالتكبير فلا حجة فيه؛ لأن عمله – رضي الله عنه – وعمل الناس في منى ليس من التكبير الجماعي، وإنما هو من التكبير المشروع؛ لأنه - رضي الله عنه - يرفع صوته بالتكبير عملاً بالسنة وتذكيراً للناس بها فيكبرون، كلٌ يكبر على حاله، وليس في ذلك اتفاق بنيهم وبين عمر –رضي الله عنه – على أن يرفعوا التكبير بصوت واحد من أوله إلى آخره كما يفعل أصحاب التكبير الجماعي الآن، وهكذا جميع ما يروى عن السلف الصالح – رحمهم الله – في التكبير كله على الطريقة الشرعية، ومن زعم خلاف ذلك فعليه الدليل، وهكذا النداء لصلاة العيد، أو التراويح، أو القيام، أو الوتر كله بدعة لا أصل له، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يصلي صلاة العيد بغير أذان ولا إقامةُ، ولم يقل أحد من أهل العلم فيما نعلم أن هناك نداء بألفاظ أخرى، وعلى من زعم ذلك إقامةُ الدليل، والأصل عدمه، فلا يجوز أن يُشرَّع أحد عبادة قولية أو فعلية إلا بدليل من الكتاب العزيز أو السنة الصحيحة أو إجماع أهل العلم – كما تقدم- لعموم الأدلة الشرعية الناهية عن البدع والمحذرة منها، ومنها قول الله سبحانه: " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " ومنها الحديثان السابقان في أول هذه الكلمة، ومنها قول النبي –صلى الله عليه وسلم -:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته.

وقوله - صلى الله عليه وسلم – في خطبة الجمعة: " أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " خرجه مسلم في صحيحه، والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة.

والله المسؤول أن يوفقنا وسائر إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا جميعاً من دعاة الهدى وأنصار الحق، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من كل ما يخالف شرعه إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

(مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز –رحمه الله-)

وفقنا الله وإياكم إلى حسن اغتنام هذه الأوقات، وجزاكم الله خيراً


[1] انظر: " المغني " (2/ 126 – 127)، و" الجامع لأحكام القرآن " (2/ 7 – 8)، و" أحكام القرآن " لابن العربي (1/ 141)، و " المصنف " لابن أبي شيبة (2/ 72 – 73)، و" الهداية " (2/ 222).
[2] أخرجه المتقي الهندي في " كنز العمال " (5/ 363) عن عيينة بن عمير قال: [كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة الظهر في آخر أيام التشريق].
[3] أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/ 448) من طريقين أحدهما إسناده جيد، ومن هذا الوجه رواه البيهقي (3/ 314).
[4] أخرجه البيهقي في " سننه " (3/ 314)، والحاكم في " المستدرك " (1/ 300)، وإسناده صحيح كما في " الإرواء " (3/ 125 / ح 653).
[5] أخرجه الحاكم في " المستدرك " (1/ 300)، و ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/ 36)، وإسناده جيد كما قال الزيلعي في " نصب الراية " (2/ 224).
[6] أي التكبير المقيد، لما صح عن الصحابة في التكبير المطلق أنه يكون من بداية العشر كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
[7] تقدم تخريجه.
[8] انظر: " نصب الراية " (2/ 223 - 225).
[9] المغني (2/ 112 – 113).
[10] أخرجه البخاري في " صحيحه " معلقاً بالجزم (ك: الجمعة / بـ فضل العمل في أيام التشريق)، ووصله عبد بن حميد من طريق عمرو بن دينار عنه كما في " الفتح " (2/ 381).
[11] وفي هذه المسألة كلامٌ طويل للعلماء يراجع في: المغني (2/ 113)، و" المصنف " لابن أبي شيبة (2/ 73 – 74).
[12] أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 2 / 2)، وذكره في مكان آخر بالسند نفسه بتثليث التكبير وإسناده صحيح.
[13] أخرجه البيهقي (3/ 315) عن يحيى بن سعيد عن الحكم - وهو ابن فروح أبو بكار - عن عكرمة عن ابن عباس بتثليث التكبير، وسنده صحيح.
[14] أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 2 / 2، 2/ 3 / 1)، و المحاملي في " صلاة العيدين " (2/ 143 / 1) من طريق أخرى عن عكرمة به، لكنه قال: [الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا] فأخر وزاد، وسنده صحيح.
[15] " النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى " (1/ 67) بتصرف.
[16] السابق (1/ 151 – 158).
[17] " الشرح الممتع " (7/ 71).
[18] http://204.187.100.80/questions/show_question_*******.cfm?id=2265
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير