تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قالوا: وقد روى أبو داود في سننه عن ابن عمر قال: أتى نفر من اليهود فدعوا رسول اللهصلى الله عليه وسلمإلى القف فأتاهم في بيت المدراس فقالوا: يا أبا القاسم إن رجلا منا زنى بامرأة فاحكم فوضعوا لرسول اللهصلى الله عليه وسلموسادة فجلس عليها ثم قال: ائتوني بالتوراة فأتي بها فنزع الوسادة من تحته ووضع التوراة عليها ثم قال: آمنت بك وبمن أنزلك ثم قال: ائتوني بأعلمكم فأتي بفتى شاب ثم ذكر قصة الرجم

قالوا: فلو كانت مبدلة مغيرة لم يضعها على الوسادة ولم يقل: آمنت بك وبمن أنزلك قالوا: وقد قال تعالى: وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم والتوراة من كلماته

قالوا: والآثار التي في كتمان اليهود صفة رسول اللهصلى الله عليه وسلمفي التوراة ومنعهم أولادهم وعوامهم الاطلاع عليها مشهورة ومن اطلع عليها منهم قالوا له: ليس به فهذا بعض ما احتجت به هذه الفرقة

وتوسطت طائفة ثالثة وقالوا: قد زيد فيها وغير ألفاظ يسيرة ولكن أكثرها باق على ما أنزل عليه والتبديل في يسير منها جدا وممن اختار هذا القول شيخنا في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

قال: وهذا كما في التوراة عندهم: أن الله سبحانه وتعالى قال لإبراهيم عليه السلام إذبح ولدك بكرك ووحيدك إسحق ف إسحق زيادة منهم في لفظ التوراة قلت: وهي باطلة قطعا من عشرة أوجه

أحدها: أن بكره ووحيده هو إسماعيل باتفاق الملل الثلاث فالجمع بين كونه مأمورا بذبح بكره وتعيينه بإسحق جمع بين النقيضين الثاني: أن الله سبحانه وتعالى أمر إبراهيم أن ينقل هاجر وابنها إسماعيل عن سارة ويسكنها في برية مكة لئلا تغير سارة فأمر بابعاد السرية وولدها عنها حفظا لقلبها ودفعا لأذى الغيرة عنها فكيف يأمر الله سبحانه وتعالى بعد هذا بذبح ابن سارة وإبقاء ابن السرعية فهذا مما لا تقتضيه الحكمة

الثالث: أن قصة الذبح كانت بمكة قطعا ولهذا جعل الله تعالى ذبح الهدايا والقرابين بمكة تذكيرا للأمة بما كان من قصة أبيهم إبراهيم مع ولده الرابع: أن الله سبحانه بشر سارة أم إسحق بإسحق ومن وراء إسحاق يعقوب فبشرها بهما جميعا فكيف يأمر بعد ذلك بذبح إسحق وقد بشر أبويه بولد ولده

الخامس: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر قصة الذبيح وتسليمه نفسه لله تعالى وإقدام إبراهيم على ذبحه وفرغ من قصته قال بعدها: وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين فشكر الله تعالى له استسلامه لأمره وبذل ولده له وجعل من إثابته على ذلك: أن آتاه إسحق فنجى إسماعيل من الذبح وزاده عليه إسحق

السادس: أن إبراهيم صلوات الله تعالى وسلامه عليه سأل ربه الولد فأجاب الله دعاءه وبشره فلما بلغ معه السعي أمره بذبحه قال تعالى: وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين رب هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم:فهذا دليل على أن هذا الولد إنما بشر به بعد دعائه وسؤاله ربه أن يهب له ولدا وهذا المبشر به هو المأمور بذبحه قطعا بنص القرآن وأما إسحق فإنما بشر به من غير دعوة منه بل على كبر السن وكون مثله لا يولد له وإنما كانت البشارة به لامرأته سارة ولهذا تعجبت من حصول الولد منها ومنه

قال تعالى: ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله

فتأمل سياق هذه البشارة وتلك تجدهما بشارتين متفاوتتين مخرج إحداهما غير مخرج الأخرى

والبشارة الأولى كانت له والثانية كانت لها

والبشارة الأولي هي التي أمر بذبح من بشر فيها دون الثانية السابع: أن إبراهيم عليه السلام لم يقدم بإسحاق إلى مكة البتة ولم يفرق بينه وبين أمه وكيف يأمره الله تعالى أن يذهب بابن امرأته فيذبحه بموضع ضرتها في بلدها ويدع ابن ضرتها

الثامن: أن الله تعالى لما اتخذ ابراهيم خليلا والخلة تتضمن أن يكون قلبه كله متعلقا بربه ليس في شعبة لغيره فلما سأله الولد وهبه اسماعيل فتعلق به شعبة من قلبه فأراد خليله سبحانه أن تكون تلك الشعبة له ليست لغيره من الخلق فامتحنه بذبح ولده فلما أقدم على الامتثال خلصت له تلك الخلة وتمحضت لله وحده فنسخ الأمر بالذبح لحصول المقصود وهو العزم وتوطين النفس على الامتثال

ومن المعلوم: أن هذا إنما يكون في أول الأولاد لا في آخرها فلما حصل هذا المقصود من الولد الأول لم يحتج في الولد الآخر إلى مثله فإنه لو زاحمت محبة الولد الآخر الخلة لأمر بذبحه كما أمر بذبح الأول فلو كان المأمور بذبحه هو الولد الآخر لكان قد أقره في الأولعلى مزاحمة الخلة به مدة طويلة ثم أمره بما يزيل المزاحم بعد ذلك وهذا خلاف مقتضى الحكمة فتأمله

التاسع: أن إبراهيم عليه السلام إنما رزق إسحاق عليه السلام على الكبر وإسماعيل عليه السلام رزقه في عنفوانه وقوته والعادة أن القلب أعلق بأول الأولاد وهو إليه أميل وله أحب بخلاف من يرزقه على الكبر ومحل الولد بعد الكبر كمحل الشهوة للمرأة

العاشر: أن النبي صلى الله عليه وسلمكان يفتخر بقوله: أنا ابن الذبيحين يعني أباه عبدالله وجده إسماعيل

2 - ما حكم من مات قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكان على اليهودية أو النصرانية.؟

ولا يظلم ربك أحدا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير