خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر فشهد حنينا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتى اسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح.
قال ابن عبد البر في التمهيد (12/ 19): هذا الحديث لا أعلمه يتصل من وجه صحيح، وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير وابن شهاب إمام أهل السير وعالمهم وكذلك الشعبي، وشهرة هذا لحديث أقوى من إسناده إن شاء الله.ا. هـ.
3 – عن جابر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا.
وهذا الحديث فيه ثلاث علل:
- شريك بن عبدالله النخعي قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: صدوق، يخطىء كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء في الكوفة.
- أشعث بن سوار الكندي، قال الحافظ ابن حجر في التقريب: ضعيف.
- الانقطاع بين الحسن البصري وجابر – رضي الله عنه -. قال علي بن المديني: الحسن لم يسمع من جابر بن عبد الله شيئا.
والصحيح أن الحديث موقوف على جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما -، كما رواه البيهقي في الكبرى (7/ 172).
أما آثار الصحابة:
1 – روى ابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 366) بإسناده عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال: المسلم يتزوج النصرانية، ولا يتزوج النصراني المسلمة.
والأثر في إسناده يزيد بن أبي زياد الهاشمي، قال الحافظ ابن حجر في التقريب: ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن وكان شيعيا.
الأدلة من الإجماع:
قال ابن عبد البر في التمهيد (12/ 21): ومما يدل على أن قصة أبي العاص منسوخة بقوله: " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " إلى قوله: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافرا وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر.ا. هـ.
وقال القرطبي في " جامع أحكام القرآن " (3/ 72): الأولى: قوله تعالى: " وَلَا تُنكِحُوا " أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام.
لماذا حلت الكافرة من أهل الكتاب للمسلم، ولم تحل المسلمة للكافر من أهل الكتاب؟
طرح الشيخ عطية محمد سالم في إكماله لأضواء البيان (8/ 164 - 165) فقال في جوابه عنه:
والجواب من جانبين:
الأول: أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه والقوامة في الزواج للزوج قطعا لجانب الرجولة، وإن تعادلا في الحلية بالعقد، لأن التعادل لا يلغي الفوارق كما في ملك اليمين، فإذا امتلك رجل امرأة حلَّ له أن يستمتع منها بملك اليمين، والمرأة إذا امتلكت عبدا لا يحل لها أن تستمتع منه بملك اليمين، ولقوامة الرجل على المرأة وعلى أولادها وهو كافر لا يسلم لها دينها، ولا لأولادها.
والجانب الثاني: شمول الإسلام وقصور غيره، وينبني عليه أمر اجتماعي له مساس بكيان الأسرة وحسن العشرة، وذلك أن المسلم إذا تزوج كتابية، فهو يؤمن بكتابها ورسولها، فسيكون معها على مبدأ من يحترم دينها لإيمانه به في الجملة، فسيكون هناك مجال للتفاهم، وقد يحصل التوصل إلى إسلامها بموجب كتابها، أما الكتابي إذا تزوج مسلمة، فهو لا يؤمن بدينها، فلا تجد منه احتراما لمبدئها ودينها، ولا مجال للمفاهمة معه في أمر لا يؤمن به كلية، وبالتالي فلا مجال للتفاهم ولا للوئام، وإذا فلا جدوى من هذا الزواج بالكلية، فمنع منه ابتداءً.ا. هـ.
وبعد هذا البيان لهذه المسألة يظهر أن زواج الكافر من المسلمة محرم، ولا يشك في هذا الأمر إلا مكابر معاند.
فتاوى العلماء في حكم هذا النكاح:
سئل الشيخ صالح بن فوازان بن عبد الله الفوزان – حفظه الله -: ما موقف الإسلام من امرأة مسلمة تزوجت من رجل غير مسلم حيث إنها كانت في حاجة إلى ذلك، أي: مجبرة لهذا الزواج؟
فأجاب: لا يجوز زواج المسلمة بالكافر، ولا يصح النكاح.
¥