تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو مع هذا وَقَعَ –دون أن يَدْري- في تناقُضٍ وتخبُّطٍ شَديدَين؛ فبينما هو يُصِرح أنَّ الإسلام لا يقطع لنفسِه بأنَّه الدين الحق من بين سائر الأديان الأخرى، إذ به يستدِل بنصوصِه القُرآنية على ذلك؛ فقُلْ لي بربِك: إذا كان الإسلامُ ليس حقًّا في نفسِه، فكيف تستدِلُ على ذلك –أي: بعدَم قَطْعِه بأنه هو الدينُ الحَق- بنصوصِه وأقوالِه ما دام هو ليس حقًا؟؟؟!!! إنَّ مَثلَك كمَثَلِ راوٍ حكمتَ عليه بأنَّه لا يستطيعُ أن يَجزِم مِن أين أخذ مروياتِه، فحمكتَ على روايةٍ ما مِن مروياتِه بأنَّه أخذها مِن فُلان دون غيرِه، فقيل لك: ما دليلُك؟ فقلتَ: هو أخبرني بذلك (أي الراوي الآخِذ)!!! فأين مَحِلُك –حينئذٍ- في ميزان العُقلاء؟!!

ومن أعجب الأعجب أنَّ الكاتب يدعو دعوةً صريحةً إلى العِلمانية!!! بل ويؤكِدُ أنَّ الإسلام جاء بذلك!!! فيقول ص 85: "والإسلام كنظام ديني -وليس مشروعًا سياسيًّا- نظامٌ غيرُ شمولي؛ بل يترُّك للناسِ مساحةً كبيرةً يتصرفون فيها، ويدَعُ للمجتمَع مجالا واسعًا يتحركُ فيه، دون أن يصبَه في قوالبَ حديدية أو يشلَه بقواعدَ جامِدة، كما تعمل النظم الشمولية السياسية (الفاشية) " اهـ، وتزدادُ صراحتُه بقولِه في موضع آخر، ص 87: "إن الدين والسياسة من نسيجَين مُختلِفَين ومِن معدَنَين مُتنافِرَين. لذلك فإنه ما إن تدخل السياسة إلى الدين حتى تُحَوِّلَه إلى أيديولوجيا أي إلى مذهب شمولي ومعتقَد جامِد"!!! ويقول ص 85: "الإسلام ... نظامٌ ديني وليس مشروعًا سياسيًّا، فإنَّ السياسة فيه ليست أصلا ولا أساسًا"!!! ويُعَرِّضُ بِمَن يخلُط السياسة بالدين بقولِه ص 87: "الأيديولوجيون، خَالِطوا السياسة بالدين".

ولعل القارئَ يتسائلُ عَن الدافِع الذي دفعَ الكاتِبَ إلى هذه الدعوَة؛ الغريبُ أنَّ الدافِع هو نفسُه الذي مِن أجلِه ألف كتابَه المبتور؛ وهو: دعوَة المرأة إلى خَلعِ حِجابِها؛ لأنَّه –بزعمِه- ليس بعورَة؛ فيقول ص 91: "هذه الأيديولوجيا -[يقصِد ربطَ الدين بالسياسة]- التي زحفت على جوهَر الإسلام وأزاحت من البؤرة أي عقيدة صحيحة، نَزَعَت إلى أن تتخذ لها مظاهِر بدلا من الجواهِر وشعارات عِوَضًا عن الحقائق، فوجَدَت فيما تُسميه الحجاب شعارًا سياسيًّا وعلامة حزبية شأنها في ذلك شأن الأيدولوجيات التي اتخذت قُمصانًا –كذا- ملونة أو أربطة معينة أو قِلادات خاصة، شارات لها وعلامات لجماعتها؛ تريد أن تستشعر بها القوة وأن تزعُمَ بواسطتِها الانتشار"!!! ويستكمِل مؤامرتَه الخبيثةَ بقولِه: "فالحِجابُ إذَن (أو غطاء الشعر في الحقيقة) ليس فرضًا دينيًا ولا عملا شرعيًّا؛ لكنه في الواقِع شعارٌ سياسيٌ وعلامة حِزبية؛ إنه من ادعاء الأيديولجيا الإسلامية وليس من جوَهر الإسلام"!!! تعالى اللهُ عما يقولُ الظالِمونَ عُلوًّا كبيرًا، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.

ويزدادُ بُهتانُ الكاتِبِ للإسلام وادعاءاته الباطِلَة الكاذِبَة؛ فيقول ص 100: "ولمَّا كانت الحياةُ متحرِكَةً متجدِدةً فقد نشأت واقعاتٌ وأحداثٌ لا حُكمَ لها في القرآن الكريم أو في السُّنَة النبوية"!!!

ولم يَسلم أئمةُ السُّنَة وعلماءُ الدين من حَملتِه المسعورَة ومفترياته الباطِلة؛ فراحَ يلمِزُ ويُعَرِّض بأنَّهم كحاطِب ليلٍ، يجْمَعون الأحاديث في كُتبِهم دون تحقيقٍ أو تمحيصٍ أو درايَة، ولا يستطيعون أن يميزوا صحيحَها مِن سقيمِها، انظر ص 11، 12، 105، 106، 112: 114.

بل نَسبَ –أضمَرَ اللهُ نَسَبَه- إلى بَعضِ الفُفقهاء أنَّهم كانوا يَضَعُون الأحاديث المكذوبَة على رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم)!!! فيقول (ص 100): "ولمَّا كانت الحياةُ متحرِكَةً متجدِدةً فقد نشأت واقعاتٌ وأحداثٌ لا حُكمَ لها في القرآن الكريم أو في السُّنَة النبوية، ومِن ثَم اضطر بعضُ الفُقهاء –عند استخراج حُكمٍ جديد للواقعة الجديدة أو الحادثة الناشئة- أن يصوغوا الحكم في صورة قاعدة تُعنعَن ثم تُنسَب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) على أنها حديثٌ صَدَرَ عنه"!!! فانظر إلى تدليسِه على القراء بقولِه "اضطر بعضُ الفقهاء"؛ حتى يظُنَ القارئُ لأولِ وَهلَةٍ بالفُقهاء الظُنونَ، وما هؤلاء الفُقهاء الذين عناهُم إلا بعض فقهاء أهل الرأي، كما صرَّح هو بذلك بنفسِه بعد كلامِه هذا بأربعة سطور!!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير