وفي طريقه الثالث حسين بن عبد الله بن ضميرة وقد كذبه مالك وأبو حاتم وابن الجارود وقال غيرهم: متروك الحديث ([109]).
وفي طريقه الرابع خصيف [بن عبد الرحمن الجزري] وهو مختلف فيه وقال ابن حبان: تركه جماعة من أئمتنا واحتج به آخرون وكان شيخا فقيها عابدا إلا أنه كان يخطئ كثيرا فيما يروي ([110]) وفيه جابر بن عقيل ولم أجد له ترجمة فلعله في عداد المجهولين.
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ففي طريقه الأول ثابت بن زهير فقد اتفق النقاد على تضعيفه وقال عنه البخاري والساجي والدارقطني: منكر الحديث، وقال عنه أبو حاتم: ضعيف الحديث لا يشتغل به ([111]).
وفي طريقه الثاني عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي وقد ضعفه جمهور النقاد وقال فيه ابن معين: لم يكن به بأس وقال فيه البخاري: فيه نظر. وضعفه مسلم وغيره وقال فيه ابن حبان: كان يقلب الأسانيد ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات لا يجوز الاحتجاج بخبره ([112]).
وأما حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: ففيه محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي، وقد تقدم أنه متروك الحديث.
وأما حديث أنس رضي الله عنه ففي طريقه الأول هشام بن سلمان المجاشعي وهو ضعيف ([113])، وفيه يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف متروك الحديث ([114]).
وفي طريقه الثاني محمد بن علي بن سهل الأنصاري المروزي وقد قال فيه الإسماعيلي: لم يكن بذاك.واتهمه الذهبي بإحدى الروايات المنكرة وقال: ما أرى الآفة إلا منه. وذكره سبط ابن العجمي فيمن اتهموا بوضع الحديث ([115]). وفيه يزيد الرقاشي وقد تقدم قريبا أنه ضعيف متروك الحديث
وفي طريقه الثالث دينار مولى أنس وقد حدث وروى عنه بوقاحة في حدود سنة 240، وهو ممن قيل فيه: يروي الموضوعات ([116]).
وفي طريقه الرابع إسماعيل بن سبف البصري وقد ذكره ابن حبان في الثقات، لكن ضعفه البزار وأبو يعلى وعبدان الأهوازي، وقال عنه ابن عدي: يسرق الحديث ([117]).
وأما حديث أبي أمامة رضي الله عنه ففيه عمر بن موسى الوجيهي وهو أحد الوضاعين ([118]).
وأما حديث سمرة رضي الله عنه ففيه الفضل بن محمد بن عبد الله الأنطاكي الأحدب وهو متهم بالكذب ووضعه الحديث ([119]).
مناقشة الإمام الطحاوي للاستدلال بهذا الحديث:
مال الإمام الطحاوي رحمه الله إلى أن حديث: ((لانكاح إلا بولي)) مرسل، حيث إنه رواه من طريق سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي بُردة عن النبي e مرسلا، ليس فيه ذكر لأبي موسى الأشعري، ورواه من طريق إسرائيل بن يونس وقيس بن الربيع وأبي عوانة، كلهم عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي e موصولا، ورواه من بعض الطرق عن أبي عوانة عن إسرائيل عن أبي إسحاق، فرجع طريق أبي عوانة إلى إسرائيل، فلم يبق أمامه سوى رواية سفيان وشعبة بالإرسال، ورواية إسرائيل وقيس بن الربيع بالوصل، وسفيان وشعبة أقوى من هذين بكثير، فترجحت - بناء على ذلك - رواية الإرسال، والمرسلُ -عند المحدثين - ليس مما تقوم به حجة. ([120])
وإن أهم مايزيل هذا الاعتراض هو أن الراويين اللذين رويا هذا الحديث موصولا لم ينفردا بذلك، بل تابعهم على روايته بالوصل كل من يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وشريك بن عبد الله النخعي، وزهير بن معاوية، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي، والإمام أبو حنيفة، مما يجعل الواقف على هذه الطرق يجزم بثبوت رواية الوصل وأنها ليست من باب الوهَم. ([121])
من أن الإمام الطحاوي -رحمه الله -وضع احتمال ثبوت الحديث وسلامة سنده من علة الإرسال، فأورد عدة احتمالات في فهم الحديث بحيث تبعده عن مجال الاحتجاج به لقول الجمهور، وذلك إذ يقول: لو ثبت عن النبي e أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي)) لم يكن فيه حجة لما قال الذين احتجوا به لقولهم في هذا الباب، لأنه قد يحتمل معاني: فيحتمل ما قال هذا المخالف لنا أن ذلك الولي هو أقرب العَصَبة إلى المرأة، ويحتمل أن يكون ذلك الولي من توليه المرأة من الرجال قريبا كان منها أو بعيدا، …ويحتمل أن يكون الولي هو الذي إليه ولاية البضع من والد الصغيرة أو مولى الأمة أو بالغةً حرة لنفسها، فيكون ذلك على أنه ليس لأحد أن يعقد نكاحا على بضع إلا ولي ذلك البضع، وهذا جائز في اللغة، قال الله تعالى:) فليملل وليه بالعدل ([
¥