تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البقرة 282]، فقال قوم: ولي الحق هو الذي له الحق ([122]).

فكأن الإمام الطحاوي -رحمه الله - يقول لنا: ما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال. فالجواب: أن ليس كل ما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، لأنه لو أُخذ بهذا القول على إطلاقه لما كاد يسلم استدلال لمستدل، إذ أين الدليل الذي لايتطرق إليه احتمال قوي ولاضعيف ولا واهن؟!! فلا بد من التفريق بين الاحتمال القوي والاحتمال الضعيف والواهن، والذي يفصل في تمييز الاحتمالات وترتيبها هو القرائن.

ولاشك أن من أقوى القرائن المعينة على فهم معنى الحديث تبادر المعنى إلى الأذهان، وخاصة أذهان الصحابة والتابعين.

وأما الاحتمال الأخير الذي أورده فهو إخلاء للنص عن الفائدة، وهذا مرجوح، إذ المعنى على هذا الاحتمال: لا يصح عقد على بُضع إلا بأن يعقده ولي ذلك البضع، وهذا تحصيل حاصل، بخلاف ماإذا فُسر الحديث بالمعنى الذي فهمه جمهور الصحابة والتابعين، وهو أنه لايصح عقد نكاح المرأة إلا بأن يعقده لها وليها الذي له عليها ولاية التزويج، فهذا تأسيس لمعنى يستفاد من النص، وهو أولى من حمله على معنى لا يتجاوز ماهو مسّلم معروف ببديهة العقول قبل ورود النص، وهو أنه لايصح لأحد أن يعقد على شيء إلا من له الحق في العقد عليه.

قد يُقال: إن المراد في الحديث نفي كمال النكاح، لا نفي صحته، فالجواب أن ((لا)) في قوله e (( لانكاح إلا بولي)) نافية للجنس، واسمها نكرة، والنكرة في سياق النفي للعموم، ثم إن الأصل في النفي نفي الحقيقة، فيكون المعنى هنا نفي الجواز والصحة، وأما حمله على أن المراد به نفي الكمال فهذا خلاف الأصل، ولايصار إليه إلا بقرينة.

هذا وإن من أهم ما يؤكد دلالة الحديث على أن المرأة لا تعقد عقد نكاحها لنفسها دون وليها: تضافر الآثار الواردة عن الصحابة وجمهور التابعين على أنه لا نكاح إلا بولي، منهم عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهم، وجابر بن زيد والحسن البصري وشريح وابن سيرين وسعيد بن المسيب وبكر بن عبد الله المزني وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي ومكحول وغيرهم من التابعين رحمهم الله ([123]).

أهم نتائج البحث:

حديث لا نكاح إلا بولي حديث صحيح ثابت من رواية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله e .

لم يصح هذه الحديث من طريق أي صحابي آخر، فلم تخل أسانيد تلك الطرق من راو متهم أو شديد الضعف.

لا يجوز للمرأة أن تعقد عقد زواجها بنفسها دون ولي.

لا بد للمرأة من ولي يعقد لها عقد زواجها أو يأذن لمن يعقد لها، وهذا لا يلغي أمره باستئمارها إذا كانت ثيبا واستئذانها إذا كانت بكرا.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.

الحواشي والتعليقات


([1]) مسند الإمام أحمد 4/ 394، 413. مصنف ابن أبي شيبة 4/ 131، 14/ 168 – 169. سنن الدارمي 2/ 575. سنن أبي داود 2/ 568. سنن الترمذي 3/ 407. مسند أبي يعلى 13/ 195. شرح معاني الآثار للطحاوي 3/ 8. صحيح ابن حبان 9/ 395.سنن الدارقطني 3/ 219. المستدرك للحاكم 2/ 170. التمهيد لابن عبد البر 19/ 88. وله نحو عشرة طرق عن إسرائيل بن يونس

([2]) سنن الترمذي 3/ 407. مسند البزار 8/ 113 - 114. المستدرك للحاكم 2/ 17. سنن البيهقي 7/ 109

([3]) سنن الترمذي 3/ 407. سنن الدارمي 2/ 575.مسند البزار 8/ 112، 115. صحيح ابن حبان 9/ 391، 400. المعجم الأوسط للطبراني 1/ 391، 8/ 438. سنن البيهقي 7/ 108. تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 6/ 41.

([4]) مسند أبي داود الطيالسي ص 71. سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 148. سنن الترمذي 3/ 407. سنن ابن ماجه 1/ 605. شرح معاني الآثار للطحاوي 3/ 9. المستدرك للحاكم 2/ 171. سنن البيهقي 7/ 107. التمهيد لابن عبد البر 19/ 88.

([5]) صحيح ابن حبان 9/ 389. المنتقى لابن الجارود ص 268. المستدرك للحاكم 2/ 171. سنن البيهقي 7/ 107.

([6]) مسند البزار 8/ 113. شرح معاني الآثار للطحاوي 3/ 9. سنن البيهقي 7/ 108.

([7]) مسند البزار 8/ 114، الكامل لابن عدي 5/ 1958.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير