وأرائه، ومن لم يتعامل مع الناس بإنصاف، فَقَدَ مودتهم له، ولم يكسب ثقتهم، بخلاف ما لو كان منصفاً، لأن الإنصاف يقتضي العدل مع الناس، والاعتراف بفضلهم إذا أحسنوا، وتقويم خطئهم بلا إسراف .. {ولا تبخسوا الناس أشياءهم}
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: وليعلم انه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولاً عاماً يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيءٍ من سنته، دقيق وجليل، فإنهم متفقون اتفقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه، فلا بد له من عذر في تركه.
# الإنصاف مع المخالفين حتى ولو كان خطأهم بينًا واضحًا: (الإمام الذهبي رحمه الله في السير)
(وإنصاف الخصوم بذكر محامدهم ومناقبهم ليس بالأمر اليسير على النفس البشرية؛ إذ إن عين السخط لا ترى إلا في اتجاهٍ واحد!!) [فصول في التفكير الموضوعي د/ عبد الكريم بكاّر]
يقول ـ رحمه الله ـ في ترجمة قتادة بن دعامة السدوسي:
وهو حجة بالإجماع إذا بين السماع، فإنه مدلس معروف بذلك، وكان يرى القدر، نسأل الله العفو. ومع هذا فما توقف أحد في صدقه، وعدالته، وحفظه، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يسأل عما يفعل. ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتباعه، يغفر له زلله، ولا نضلله ونطرحه، وننسى محاسنه.
نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك.
يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان، الخليفة الأموي، قلت: كان قويًّا شجاعا، ذا رأى وحزم، وفطنة وفصاحة وله شعر جيد، وكان ناصبيا، فظًا غليظًا، جلفًا. يتناول المسكر، ويفعل المنكر، افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس.
ـ ويزيد ممن لا نسبه ولا نحبه.
ـ له على هنا ته حسنة، وهي غزو القسطنطينية كان أمير ذلك الجيش، وفيهم مثل أبي أيوب الأنصاري.
ـ أبو عبيدة الإمام العلامة البحر معمر بن المثنى التيمي- صاحب- (غريب الحديث).
ـ قلت: قد كان هذا المرء من بحور العلم، ومع ذلك فلم يكن بالماهر بكتاب الله، ولا العارف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا البصير بالفقه واختلاف أئمة الاجتهاد.
ـ الحجاج يقول عنه: له حسنات مغمورة في بحر ذنوبه وأمره إلى الله. وله توحيد في الجملة.
ـ الواقدى محمدبن عمر بن واقد الأسلمي. صاحب التصانيف والمغازي، العلامة الإمام أبو عبد الله، أحد أوعية العلم على ضعفه المتفق عليه.
جمع، فأوعى، وخلط الغث بالسمين، والخَرَزَ بالدر الثمين فاطروحوه لذلك، ومع هذا فلا يستغني عنه في المغازي، وأيام الصحابة وأخبارهم.
ـ القفال الشاشى الشافعي. قال أبو الحسن الصفَّار سمعت أبا سهل، سئل عن تفسير أبي بكر القفال، فقال: قدسه من وجه ودنسه من وجه 0
أي: دنسه بالاعتزال.
قلت: .... الكمال عزيز، وإنما يمدح العالم بكثرة ماله من الفضائل، فلا تدفن المحاسن لورطة، ولعله رجع عنها. وقد يُغفر له باستفراغه الوسع في طلب الحق.
ـ الغزالي الشيخ الإمام البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان. أبو حامد محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي صاحب التصانيف والذكاء المفرط.
ذكر الذهبي بعض الهفوات لأبي حامد- ثم قال: الغزالي إمام كبير، وما من شرط العالم أن لا يخطئ.
فرحم الله الإمام أبا حامد، فأين مثله في علومه وفضائله ولكن لا ندعى عصمته من الغلط والخطأ).
الذهبي يُدبِّجْ قاعدة:
(وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل)
ملخص لأسباب الخروج عن الإنصاف، للإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ
في كتابه (أدب الطلب ومنتهى الأرب ص:91ـ 178):
يقول رحمه الله:
واعلم أن أسباب الخروج عن دائرة الإنصاف، والوقوع في موبقات التعصب كثيرة جدا:
1ـ فمنها وهو أكثرها وقوعاً وأشدها بلاءً: أن ينشأ طالب العلم في بلد من البلدان التي قد تمذهب أهلها بمذهب معيّن، واقتدوا بعالم مخصوص. وهذا الداء قد طبّق في بلاد الإسلام وعم أهلها، ولم يخرج عنه إلا أفراد ......
¥