ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[08 - 01 - 03, 02:56 م]ـ
.
النوع الثالث من أنواع - التوسل المشروع -: التوسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح.
وذلك مثل:
أن يقع المسلم في ((ضيق شديد)) أو تحل به ((مصيبة كبيرة)) و يعلم من نفسه ((التقصير في طاعة الله تعالى)) فيُحبَّ أن يأخذ بسبب (قوي شرعي صحيح) فيذهب إلى أحد أهل العلم و الإيمان و الصلاح فيطلب منه ((الدعاء)) له بالشفاء، أو العافية، أو المغفرة، أو كشف الضر، وتفريج الكرب، ونحوه من ((الدعاء المقبول، والتوسل المشروع)) وهذا له أدلة (شرعية كثيرة) نأخذ شيئا منها، ونبين وجه الشاهد فيها.
ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: {أصاب الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطُب على المنبر يوم الجمعة قام أعرابي فقال: يا رسول هلك المال، وجاع العيال فادع الله لنا أن يسقيَنا فادع الله لنا، قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وما في السماء قَزَعَة، قال: فثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رايت المطر يتحادر على لحيته، قال: فمُطرنا يومنا ذلك ومن الغد، ومن بعد الغد، والذي يليه إلى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي أو رجلٌ غيره فقال: يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال فادع الله لنا فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: {اللهم حوالينا ولا علينا} قال: فما جعل يُشيرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى ناحية من السماء إلا تفرجت حتى صارت المدينة في مثل الجَوْبَةِ حتى سال الوادي، وادي قناة شهرا، قال: فلم يجئ أحد من ناحيةٍ إلا حدَّث بالجَوْدِ}.
رواه البخاري: كتاب الاستسقاء: باب من تمطر في المطر حتى يتحادر على لحيته (رقم الحديث 1033).
وفي رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: {أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا فرفع رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قَزَعةٍ، وما بيننا وبين سَلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس سبتا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة و رسول الله صلى الله عليه و سلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله أن يمسكها عنا قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام و الظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر قال: فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس}
رواه البخاري: كتاب الاستسقاء: باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة (رقم الحديث 1014).
و مسلم: كتاب الاستسقاء: باب الدعاء في الاستسقاء (رقم الحديث 897).
قال الإمام القدوة (شيخ الاسلام ابن تيمية) رحمه الله: ((وكذلك ثبت في الصحيح عن (ابن عمر و أنس) و غيرهما: أنهم كانوا إذا أجدبوا إنما يتوسلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم و استسقائه، ولم يُنقل عن أحد منهم أنه كان في حياته صلى الله عليه وسلم سأل الله تعالى بمخلوق، لا به ولا بغيره، لا في استسقاء ولا غيره ... )) أهـ
كتاب (قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة (ص 118) تحقيق د / ربيع بن هادي بن عمير
وهذا هو الذي كان يفعله الصحابة الكرام في (استسقائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم) وهو أن يطلبوا منه الدعاء كما مر معنا في حديث (أنس) رضي الله عنه، ولذلك استحب الفقهاء و العلماء أن (يُطلب من أهل الإيمان والصلاح) الدعاء للناس في الاستسقاء، وهذا لاحرج فيه أبدا.
و من ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: {أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى (بالعباس بن عبدالمطلب) فقال: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، و إنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا}.
¥