تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسلم شيئًا من الوحيين لكتم هذه الآية".

وكذلك قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ} الإسراء:73. هذه الآية أيضا فيها شيئًا من الإنكار عليه ولكنه بينها وقرأها للناس وكتبت مع أن الله تعالى حماه أن يفتنوه عن شي من الوحي الذي أنزل عليه ومثلها أول سورة عبس في قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى} عبس:1 - 2. لما جاءه ابن أم مكتوم وكان عنده بعض أكابر قريش وطمع في إيمانهم فلم يلتفت إلى ابن أم مكتوم وهو لا يعلم فعاتبه الله في هذه الآية ولم يكتمها فكل ذلك دليل على أمانته حيث كان أمينا في الجاهلية وكذلك أمينا على وحي الله سبحانه.

قصة بناء قريش الكعبة ووضع الحجر الأسود:

في حدود سنة خمس وثلاثين بعد قصة الفيل عزمت قريش على بناء الكعبة وكانت قد انهدمت وكان الناس يطوفون حولها وهي منهدمة اشترك معهم النبي صلى الله عليه وسلم في بنائها وكانوا ينقلون الحجارة وهم عراة يضع أحدهم إزاره على منكبه لحمل الحجارة اشترك معهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال له العباس: "اخلع إزارك وضعه على كتفك ليقيك الحجارة" ولما خلعه وبدت عورته سقط مغمًا عليه حماية له عن إبداء عورته ولما أفاق قال: "إزاري إزاري" ولم يرى بعد ذلك كاشفًا عورته.

ولما وصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا أيهم يضعه في موضعه ثم قالوا: "نحكم أول من يدخل علينا" فكان النبي صلى الله عليه وسلم أول من دخل عليهم فرضوا به حكما فأمرهم أن يضعوا الحجر على ثوب وان يحمله من كل قبيلة واحد يحمل بزاوية من زواياه الأربع وأخذه بيديه الكريمتين ووضعه في موضعه وهذا أيضا مما اختاره الله تعالى له لا شك أن ذلك كله دليل على ما جبله الله علية من هذه الأخلاق الكريمة.

ملامح من أخلاقه صلى الله عليه وسلم:

ولما قرب وقت إنزال الوحي عليه بدا بالرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، فكان يخلوا في غار حراء و يتزود لذلك، وجاءه الحق وهو بغار حراء ونزل عليه أول ما نزل قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} العلق:1. ثم بعد ذلك فتر الوحي مدة ثم نزل عليه بعد ذلك أول سورة المدثر، فامتثل ما أمر به فقام بالدعوة إلى الله بعد الوحي، فكان ينذر الناس ويدعوهم ولكن لا يشدد عليهم حتى لا ينفروا من دعوته، فمن ذلك أنه رقى مرة على الصفا ورفع صوته بقوله: "وا صباحاه" وجاء عنده أهل مكة وحظروا عنده فضرب لهم مثلا قال: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا وراء هذا الجبل تصبحكم أو تمسيكم أكنتم مصدقي" قالوا: "ما جربنا عليك كذبا"فقال لهم: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" هذا من أسلوبه الحسن يدعو به الناس.

كذلك في موضع آخر قال لهم: "إنما أريد منكم كلمة تملكون بها العرب وتدينون بها العجم" قالوا: "نعطيكها وعشرا" فقال: "قولوا لا اله إلى الله" فثقلت عليهم وقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} ص:5، فهذا أيضا من خلقه وتعامله معهم لأجل أن يقبلوا دعوته بضرب هذه الأمثال.

ثم كان صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في الموسم على القبائل، ففي السنن أنه كان يعرض نفسه على كل قبيلة من قبائل العرب الذين كانوا يتوافدون في موسم الحج ويقول: "من يجيرني حتى أبلغ كلام ربي" يعني القران، وكان يمشي عليهم ويدعوهم إلى التوحيد يدعوهم إلى كلمة التوحيد، ولكن كان ممن عارضه عمه أبو لهب لعنه الله، فكان يحذر الناس منه، ولكن من ركن إلى قوله واطمأن إليه عرف صحة ما يدعو إليه، هكذا كان خلقه صلى الله عليه وسلم وتعامله مع الناس.

وعندما كان أهل مكة يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك، كان يقول لهم إذا قالوا: لبيك لا شريك لك، يقول: "قعد قعد" أي قفوا هاهنا فإن هذا هو الصحيح فإن الله لا شريك له فلا تزيدوا عليها فتفسدوا توحيدكم، فلا يستجيبون له إلا من هداه الله ويعرفون أن ما قاله صحيح وذلك لأنهم يقرون أن الله تعالى هو الخالق الرازق كما في قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} 61العنكبوت. ولكنهم يدعون أن آلهتهم التي يدعونها تنفعهم وتشفع لهم وتقربهم إلى الله زلفى فيدعوهم بالتي هي أحسن، فقد كان يعرض دعوته بلطف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير