تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولين على بعض الأفراد يعمل بقول الله تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل:125. فيعرض عليهم الدعوة بهذا الأسلوب ولا شك انه مؤثر وقد تكلم العلماء على هذه الآية وبينوا الحكمة والموعظة والمجادلة وتوسعوا في ذلك ولنا رسالة في الدعوة إلى الله تعالى مطبوعة في أساليب الدعوة.

واستجاب لدعوته أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وكان قد صحبه واطلع على صحة نبوته واطلع على أخلاقه ورأى بعض الآيات والمعجزات التي حصلت له، فعند ذلك استجاب له وصدقه ونزل في ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِه} الزمر:33 الذي صدق به هو أبو بكر، وكان أبو بكر رضي الله عنه له أيضا أسلوب حسن فكان يدعو بعض الصحابة الذين يعرف قربهم من التقبل، فأسلم بدعوته الكثير من الصحابة هكذا كان أسلوبه وكان هؤلاء الذين استجابوا لدعوته وقبلوا منه، وكانوا بعد ذلك مساعدين له بالدعوة.

ومع ذلك كان يعامل المشركين بالمعاملة الحسنة خصوصا إذا كان لهم قرابة، كأبي طالب حيث كان يحرص على إسلامه ويدعوه ويبين له، ولما حضرته الوفاة عرض عليه الشهادة وقال: "قل لا اله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله" ولكن كان عنده جلساء سوء صرفوه عن قبولها وقالوا: "أترغب عن ملة عبدالمطلب" فكان آخر ما قاله: هو على ملة عبد الطلب ونزل قوله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} القصص:56. وكان التزم أن يستغفر له حتى نهاه الله بقوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى} التوبة:113.

أما بقية أهله وأقاربه فانه قد اهتدى منهم كثير كعمه حمزة رضي الله عنه وكذلك ابن عمه علي بن أبي طالب وكان صغيرا في حجره، وكذلك ابن عمه جعفر وغيرهم.

هكذا كانت معاملته وكانت دعوته لهم ثم أذن الله تعالى له بالهجرة إلى المدينة وذلك بعد أن عرض دعوته على حجاج أهل المدينة ولما عرضها عليهم عرفوا صدقه، وكانوا يسمعون من اليهود أن هذا زمن نبي سوف يخرج قريبًا، وأنه يدعو إلى التوحيد، وأن من علاماته كذا وكذا، فأسرعوا إلى قبوله وإلى قبول دعوته، فبايعوه والتزموا أنه إذا هاجر إليهم ينصرونه مما ينصرون منه آبائهم وأبنائهم وأقاربهم، وتمت دعوته إلى الهجرة.

هكذا كانت مبادئ دعوته ومبادئ أخلاقه حيث كانوا يتخلقون بالأخلاق الحسنة التي تدل على ما كان عليه النبي صلى الله عيه وسلم، ولما قدم المدينة كان بها ثلاث قبائل من اليهود، ولم يسلموا فدعاهم وبين لهم، ولكن لم يسلموا حسدًا وبغيًا كما ذكر الله تعالى بقوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه} النساء:54 ومع ذلك عاهدهم وأكد معهم العهد على ألا ينقضوا العهد، فنقضوا العهد كان أول من نقض بنو قينقاع ثم بنو النضير ثم بنو قريظة فأجلى بني قينقاع والنضير وقتل بني قريظة، ثم كان أيضا أهل خيبر على عهد ولما نقضوا العهد أو انتهت مدته غزاهم، وفتح خيبر وأبقاهم فيها كعمال ولهم شطر ما يخرج منها من ثمر وزرع، وكذلك أيضا عاهد قريش في الحديبية وأوفى لهم بعهدهم مع كراهة المسلمين لبعض فقرات تلك المعاهدة التي جاء فيها أن من جاء مسلما فإنه يرد عليهم وان كان مسلما ومع ذلك أوفى لهم بهذا العهد وهذا دليل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الوفاء بالعهود وقد جعل إخلاف الوعد ونقض العهد من سمات المنافقين هذه حالته مع الكفار من المشركين واليهود.

أما حالته مع المسلمين فإنه كان رفيقا بهم كما وصفه الله بقوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} يونس:128 هذه صفته أنه منهم من أنفسهم وأنه يشق عليه الشيء الذي يعنتهم ويكلفهم وأنه حريص على هدايتهم وأنه رؤوف بهم ورحيم بهم لا يحب شيئا يشق عليهم بل يرفق بهم مهما استطاع فمن ذلك أنه رفق بأصحابه كثيرًا، فلما سافروا لغزوة الفتح وصاموا في رمضان شكي إليه لما قرب من مكة أن الناس قد شق عليهم الصيام فأفطر وأمرهم بالفطر وأكد ذلك عليهم ليكون ذلك علامة على أنه رفق بهم وكذلك أيضا كان يرفق بهم في أسفاره بحيث أنه لا يكلفهم الشيء الذي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير