تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعنه (أي جاء عن الإمام أحمد) التوقف فيه (أي في تقبيل المصحف) وفي جَعْلِه على عينيه. قال القاضي في الجامع الكبير: إنما توقف عن ذلك وإن كان فيه رفعة وإكرام لأن ما طريقه القُرَب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يُستحب فعله وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف ألا ترى أن عمر لما رأى الحجر قال: لا تضر ولا تنفع ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّلك ما قبَّلتُك.ا. هـ. رواه البخاري (1597) ومسلم (1270).


ما حكم تقبيل المصحف؟ للعلامة الألباني رحمه الله

سؤال8: ما حكم تقبيل المصحف؟
الجواب: هذا مما يدخل – في اعتقادنا – في عموم الأحاديث التي منها (إياكم ومحدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة) (1) , وفي حديث آخر (كل ضلالة في النار) (2) , فكثير من الناس لهم موقف خاص من مثل هذه الجزئية , يقولون: وماذا في ذلك؟! ما هو إلا إظهار تبجيل وتعظيم القران , ونحن نقول صدقتم ليس فيه إلا تبجيل وتعظيم القران الكريم! ولكن تُرى هل هذا التبجيل والتعظيم كان خافياً على الجيل الأول -وهم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم- وكذلك أتباعهم وكذلك أتباع التابعين من بعدهم؟ لا شك أن الجواب سيكون كمال قال علماء السلف: لو كان خيراُ لسبقونا إليه.

هذا شيء , والشيء الآخر: هل الأصل في تقبيل شيء ما الجواز أم الأصل المنع؟

هنا لا بد من إيراد الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحهما ليتذكر من شاء أن يتذكر , ويعرف بُعد المسلمين اليوم عن سلفهم الصالح , وعن فقههم , وعن معالجتهم للأمور التي قد تحدث لهم.

ذاك الحديث هو: عن عباس بن ربيعة قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُقبل الحجر (يعني: الأسود) ويقول (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع , فلولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبلك ما قبلتُك) (3) , وما معنى هذا الكلام من هذا الفاروق: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبلك ما قبلتك؟!.

إذاً , لماذا قبل عمرُ الحجر الأسود , وهو كما جاء في الحديث الصحيح (الحجر الأسود من الجنة) (4)؟! فهل قبله بفلسفة صادرة منه , ليقول كما قال القائل بالنسبة لمسألة السائل: إن هذا كلام الله ونحن نقبله؟! هل يقول عمر: هذا حجر أثر من آثار الجنة التي وُعد المتقون فأنا أُقبله , ولست بحاجة إلى نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبين لي مشروعية تقبيله؟! أم يعاملُ هذه المسألة الجزئية كما يريد أن يقول بعض الناس اليوم بالمنطق الذي نحن ندعو إليه , ونسميه بالمنطق السلفي , وهو الإخلاص في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام , ومن استن بسنته إلى يوم القيامة؟ هكذا كان موقف عمر , فيقول: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبلك لما قبلتك.

إذاُ الأصل في هذا التقبيل أن نجري فيه على سنة ماضية , لا أن نحكم على الأمور – كما أشرنا آنفا – فنقول: هذا حسن , وماذا في ذلك؟! اذكروا معي موقف زيد بن ثابت كيف تجاه عرض أبي بكر وعمر عليه] في [(5) جمع القران لحفظ القران من الضياع , لقد قال: كيف تفعلون شيئاً ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فليس عند المسلمين اليوم هذا الفقه في الدين إطلاقاً.

إذا قيل للمقبل للمصحف: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! واجهك بأجوبة غريبة عجيبة جداً , منها: يا أخي! وماذا في ذلك؟! هذا فيه تعظيم للقران! فقل له: يا أخي! هذا الكلامُ يعاد عليك: وهل الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يُعظم القران؟ لا شك أنه كان يعظم القران , ومع ذلك لم يُقبله , أو يقولون: أنت تنكر علينا تقبيل المصحف! و ها أنت تركب السيارة , وتسافر بالطيارة وهذه أشياء من البدعة؟! يأتي الرد على ما سمعتم أن البدعة التي هي ضلالة , إنما ما كان منها في الدين.

أما في الدنيا , فكما ألمحنا آنفا أنه قد تكون جائزة , وقد تكون محرمة إلى آخره , وهذا الشيء معروف , ولا يحتاج إلى مثال.

فالرجل يركب الطيارة ليسافر إلى بيت الله الحرام للحج , لا شك أنه جائز , والرجل الذي يركب الطيارة ليسافر إلى بلاد الغرب ويحُج إليه , لا شك أن هذه معصية , وهكذا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير