وهكذا يُعرف قصر الزمان وطوله في معنى لفظ " الساعة "، ففي آية سورة " الروم " يدل معناها على سنوات!، وفي بعض الأحاديث والآثار تدل على زمان يسير جدّاً، نحو: " فسكت ساعة "، و " فأطرق ساعة "، و " فلبث ساعة "، وما يشبه ذلك من السياقات.
ثالثاً: ورد تقسيم النهار إلى اثنتي عشرة ساعة، في حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ - يُرِيدُ: سَاعَةً - لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ).
رواه أبو داود (1048) والنسائي (1389)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
والمراد بالحديث: تقسيم نهار الجمعة – من الفجر إلى الغروب – إلى اثني عشر جزءً، حزء واحد منها هو الساعة التي يستجاب فيها الدعاء.
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله -:
وظاهر الحديث: يدل على تقسيم نهار الجمعة إلى اثنتي عشرة ساعةً، مع طول النهار، وقصره، فلا يكون المراد به الساعات المعروفة من تقسيم الليل والنهار إلى أربعة وعشرين ساعة؛ فإن ذَلِكَ يختلف باختلاف طول النهار، وقصره.
" فتح الباري " لابن رجب (5/ 356).
من هنا تبدأ الفائدة النفيسة للفضيلة الشيخ:
عبدالمحسن العباد المدرس بالمسجد النبوي:-
وقال الشيخ عبد المحسن العبَّاد حفظه الله – وقد شرح الحديث فأوعب -:
وقوله: (ثنتا عشرة ساعة) [أي في الحديث أعلاه]: يدل على أن النهار مقداره اثنتا عشرة ساعة، ومعلوم أن النهار في اصطلاح الشرع: من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وليس من طلوع الشمس إلى غروبها؛ ولهذا فإن صيام الأيام إنما يكون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والليل أيضاً اثنتا عشرة ساعة، لكن الساعات ليست مستقرة، ثابتة، على طول الأيام، وإنما هي تزيد وتنقص بطول اليوم وقصَره، فمعنى هذا: أن الوقت من طلوع الفجر إلى غروب الشمس يقسَّم إلى اثني عشر جزءاً، وجزء من هذه الاثني عشر هو مقدار الساعة التي جاء ذكرها في هذا الحديث، فليست الساعة شيئاً ثابتاً في كل أيام السنَة - كما اصطلح عليه الناس في هذا الزمان، حيث يجعلون الليل والنهار أربعاً وعشرين ساعة -، ولكن أحياناً يصير النهار تسع ساعات والليل خمس عشرة ساعة، وأحياناً يكون العكس، فيجعلون مجموع اليوم أربعاً وعشرين ساعة، ولا يكون الليل له نصفها والنهار له نصفها، بل هذا على حسب طول الزمان وقصره، لكن في هذا الحديث: (النهار اثنتا عشرة ساعة) سواءً في الشتاء، أو في الصيف، سواء طال النهار أو قصر، فتقسم اليوم في كل وقت على اثنتي عشرة ساعة، فتنقص الساعة وتزيد، وبالتوزيع عليهما يختلف مقدار الساعة من وقت لآخر، فمقدار الساعة في الصيف حيث يطول النهار: أطول من الساعة في الشتاء حيث يقصر النهار، وقد كان النهار عند العرب اثنتا عشرة ساعة، والليل اثنتا عشرة ساعة، وقد ذكر ذلك الثعالبي في كتابه " فقه اللغة " (ص 468)، فذكر ساعات الليل، وساعات النهار، وأسماءها، ولكن في تسميتها عندهم ما يدل على أن النهار يبدأ بطلوع الشمس، وينتهي بغروبها، ولكن في اصطلاح الشرع: النهار يبدأ بطلوع الفجر، ولهذا سبق أن مر بنا من فقه أبي داود أنه ذكر عند غسل الجمعة: أن الإنسان إذا كان عليه جنابة واغتسل بعد طلوع الفجر يوم الجمعة: أجزأه عن غسل الجمعة؛ لأن اليوم يبدأ بطلوع الفجر.
فعلى هذا: تكون ساعة الإجابة آخر جزء من اثنتي عشر جزءاً، وقد تطول في الصيف، وتقصر في الشتاء، على حسب توزيع مجمل الساعات.
" شرح سنن أبي داود " (شريط رقم 89)، (6/ 244، 245) – ترقيم الشاملة -.
وأما بخصوص حديث الذهاب إلى الجمعة في الساعة الأولى، والثانية، إلى الخامسة، وأجر كل واحدة منها: فيقسَّم الزمان من طلوع الشمس إلى الزوال خمسة أجزاء، ويكون كل جزء هو المراد بالساعة، وقد تطول مدتها عن الستين دقيقة، وقد تقصر، بحسب طول النهار، وقصره، كما سبق توضيحه، وينظر في ذلك جواب السؤال رقم (60318 ( http://islamqa.com/ar/ref/60318) ) .
¥