(واجبٌ على كُلِّ مؤمنٍ ومؤمنة: مَحَبَّةُ أهلِ بَيْتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: بنو هاشم: عليّ بن أبي طالب، وولدُه، وذرّيّتُه، فاطمةُ، وولدُها، وذرّيّتُها، والحَسَن والحُسَين، وأولادُهما، وذرّيّتهما، وجَعْفر الطّيّار، وولدُه، وذرّيّتُه، وحَمْزة، وولدُه، والعَبّاس، وولدُه، وذرّيّتُه رضي الله عنهم.
هؤلاء أهل بَيْتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، واجبٌ على المسلمين محبّتُهم، وإكرامُهم، واحتمالُهم، وحُسْنُ مداراتهم، والصّبْر عليهم، والدّعاء لهم.
فمَنْ أحسن مِن أولادِهم وذراريهم: فقد تخلق بأخلاق سَلَفِه الكرام الأخيار الأبرار.
ومَنْ تخلق منهم بما لا يحسُنُ من الأخلاق: دُعِيَ له بالصّلاح والصّيانة والسّلامة، وعاشَرَةُ أهلُ العقل والأدب، بأحسن المعاشرة،وقيل له: نحن نُجِلُّكَ عن أنْ تتخلق بأخلاق لا تُشْبِهُ سلفَك الكرام الأبرار، ونغار لمثِلك أنْ يتخلق بما نعلم أنّ سلفك الكرام الأبرار، لا يَرْضون بذلك، فمِنْ محبّتِنا لك، أنّ نُحِبَّ لك أنْ تتخلق بما هو أشبه بك، وهي الأخلاق الشّريفة الكريمة، والله الموفِّق لذلك) اهـ.
وقد قَدَّمْتُ أنّ الآجريَّ رحمه الله، قد رَوَى في كُلِّ بابٍ، ما حَفِظَ فيه من حديثٍ أو أثر، وساقَهُ بإسنادِه، فاجتمع فيها أحاديثُ كثيرةٌ، وآثار تَسُرُّ المؤمنين.
وقال شيخ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله بَعْدَ حديث سَفِينة رضي الله عنه مرفوعاً: ((خِلافَةُ النُّبُوَّةِ، ثَلاثُوْنَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتِي اللهُ مُلْكَهُ أو الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ)):
(رواهُ أهل السُّنَن، كأبي داود وغيره، واعتمد عليه الإمامُ أحمد وغيرُه في تقريره خلافة الخلفاء الراشدين الأربعة، وثَبَّتَهُ أحمد، واستدلَّ به على مَنْ توقَّف في خلافة عليّ، مِن أجل افتراق النّاس عليه، حتَّى قال أحمد: (مَنْ لَمْ يُرَبِّعْ بِعَلِيّ في الخِلافَة، فَهُوُ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ)، ونهى عن مناكحته.
وهو مُتّفق عليه بين الفقهاء، وعُلماءِ السُّنَّة، وأهل المعرفة والتّصوّف، وهو مذهب العامّة.
وإنّما يخالفُهم في ذلك، بَعْضُ أهل الأهواء، مِن أهل الكلام ونحوهم، كالرّافضة الطّاعنين في خلافة الثّلاثة، أو الخوارج الطّاعنين في خلافة الصِّهْرَيْنِ المنافقين: عُثمان وعَلِيّ.
أو بَعْضُ النّاصبة النّافين لخلافة عليّ رضي الله عنه، أو بَعْضُ الجُهّال مِن المُتَسَنِّنَة، الواقفين في خلافتِه!
ووفاةُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كانت في شهر ربيع سنة إحدى عشرة مِن هجته.
وإلى عام ثلاثين سنة كان إصلاح ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحَسَن بن عَلِيّ السَّيِّد بين فيئتَيْنِ مِن المؤمنين، بنزولهِ عن الأمر عام إحدى وأربعين، في شهر جمادى الأولى، وسُمِّيَ (عام الجماعة) لاجتماع النّاس على معاوية، وهو أوّل الملوك) اهـ من " مجموع الفتاوى" (35/ 18 - 19)
وكلام شيخ الإسلام رحمه الله في هذا الباب كثيرٌ، في كثيرٍ مِن مُصنَّفاتهِ وفتاواه، وفي " مجموع الفتاوى " شيءٌ كثير وقفتُ عليه، وما قدَّمْتُه يغني بمشيئة الله.
وقال الإمام العلامة يحيى بن يوسف بن يحيى الأنصاري الصَّرْصَري الحنبلي (ت656هـ، شهيداً على يَدِ المغول لعنهم الله، لَمّا دخلوا العراق) في قصيدته اللامية العظيمة، التي ذكر فيها اعتقاد الحنابلة، والثَّنَاء على إمامِهم أحمد بن حنبل وأتباعه رحمهم الله جميعاً، بَعْدَ ذِكْرِه الخلفاء الثّلاثة أبي بكر، وعُمَر، وعُثمان رضي الله عنهم، قال:
وَكَانَ أَحَقَّ النّاس بِالأّمْرِ بَعْدَهُمْ .. أّبُو الحَسَنِ الْمَرْضِيِّ تَاجُ الْهُدَى عَلِيّ
وَكَانَ بِأّمْرِ اللهِ أَعْدَلَ قَائِم ... عَلَى السَّنَنِ الْمَحْمُوْدِ لَمْ يَنَتَقَّلِ
إمَامُ هُدَىً أَكْرِمْ بِهِ مِنْ خَلِيْفَةٍ ... خَلِيْفَةِ عََدْلٍ لِلْخِلافَةِ مُكْمِلِ
عّظِيْمٌ لأَسْبَابِ المُجَادَلِ قَاطِعٌ ... كَمِيٌّ لأَبْطَالِ الرِّجَالِ مُجَدِّلِ
أَبَرُّ فَتَىً جَاءَتْ بِهِ هَاشِميَّةٌ ... كَرِيْمٌ مُعِمٌّ فِي الكِرَامِ وَمُخْوِلِ
يُجلّي دُجَى الهَيْجَا بأَبْيَضَ مَنْصِلٍ ... يُقَطِّعُ مِنْ أَبْنَائِهَا كُلَّ مَفْصِلِ
¥