وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- عن الذين يستدلون بهذه الآية:
(ويقولون: إذا طلبنا منه الاستغفار بعد موته، كنا بمنزلة الذين طلبوا الاستغفار من الصَّحابة؛ ويخالفون بذلك إجماع الصَّحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين، فإنَّ أحداً منهم لم يطلب من النَّبِيَّ –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بعد موته أن يشفع له ولا سأله شيئاً ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين في كتبهم …)
ثم قال بعد سرد بعض أنواع البدع في سؤال غير الله تعالى:
(فهذا مَّما علم بالاضطرار من دين الإسلام، وبالنقل المتواتر، وإجماع المسلمين؛ أنَّ النَّبِيَّ –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يشرع هذا لأمته، وكذلك الأنبياء قبله لم يشرعوا شيئاً من ذلك بل أهل الكتاب ليس عندهم عن الأنبياء نقل بذلك، ولا فعل هذا أحدٌ من أصحاب نبيهم، والتابعين لهم بإحسان، ولا استحب ذلك أحدٌ من أئمة المسلمين، لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا ذكر أحدٌ من الأئمة لا في مناسك الحج ولا غيرها؛ أنَّه يستحب لأحدٍ أن يسأل النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عند قبره أن يشفع له، أو يدعوا لأمته، أو يشكوا إليه ما نزل بأُمته من مصائب الدُّنيا والدِّين).
"أنظر قاعدة في التوسل والوسيلة 24 - 28"
وقال فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العُثيمين عن عدم دلالة هذه الآية للسؤال عن قبر النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وذلك لأنَّ الله تعالى يقول:
({ولو أنهم إذ ظلموا} و {إذ} هذه ظرف لما مضى، وليست ظرفاً للمستقبل، لم يقل الله: "ولو أنهم إذا ظلموا" بل قال: {إذ ظلموا} فالآية تتحدث عن أمرٍ وقع في حياة الرسول –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- …. والآية نزلت في قوم تحاكموا، أو أرادوا التحاكم إلى غير الله ورسوله؛ كما يدلُّ على ذلك سياقها السابق واللاحق).
"أنظر مجموع فتاوى ورسائل 2/ 343 - 345"
هذا البراهين الجلية في بيان خطأ من قال بهذا القول، والعمدة عند أهل التحقيق، والشكر لمن لهُ أصل هذا الجمع والبيان الأئمة الأعلام، والجامع الفقير إلى عفو ربه، نزيل اصطنبول عبدالله بن عبدالحميد آل إسماعيل عفا الله عنه.
ثم يبين الشيخ استدلالات أهل الأهواء في موضوع الاستغاثة خاصة وفي غيره:
(وإنك لترى يا أخي، أن الأحاديث التي أوردوها .. إما أنها مستشهد بها بغير مناسبة!! أو أنها معلولة بعلل شتى .. أقوى ما فيها الضعف! ناهيك عن المكذوب والموضوع، والمدلس والمنقطع، وما لا أصل له.
فيا سبحان الله!!
ما بال القوم .. يتمسكون بكل ذي علة من الأحاديث والآثار والأخبار؟! ألا يعلمون أن ما يقدمونه من أدلة وبراهين على زعمهم .. لا يصح أن يقال أنها كذلك .. ما دامت –كما رأيت يا أخي- من الضعف والهلهلة .. والعلل الكاسحة ما يوجب أن يخجل منها مقدمها، ولا يسمح لنفسه أن يردِّدها على شفتيه .. خشية أن تنبئ عن جهله … أو عن سوء نيته أو عن كليهما معاً!! وعلى كل حال .. فإن الاحتجاج بهذا الحديث ساقط .. لما يحوي من العلل .. وبقيت دعواهم دعوى مجردة .. وكلما أتوا بما يقويها على زعمهم زادوها علة وسقوطاً.
وهكذا .. فإن بتكرار انهزامهم الذريع أمام حجج الحق، يزداد هذا الحق قوة وغلبة عليهم؛ فإنهم إلى الآن لم يستطيعوا أن يقفوا على أرجلهم .. حتى ولو على أرجل مرتجفة متخاذلة؛ بل ما يزالون قاعدين!! بل مقعدين لا حول لهم ولا قوة على النهوض. وهذا حال من يتقوى بالباطل؛ فلا يزيده إلا ضعفاً وتخاذلاً وانهزاماً. اللهم زدنا بك قوة وثبتنا على صراطك المستقيم.)
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[23 - 11 - 06, 09:12 م]ـ
الشهاب السني في إثبات ضعف حديث العتبي
أو
إتمام الكلام على حديث الأعرابي
قومٌ مفتونون بالحكايات، من قصص موضوعة، ورأيا مقطوعة، يقيمون الأحكام على مثل هذه التفاهات، يقيمونها ويصدون بها الآيات، وما صح من الأحاديث النبوية، أين هم من قوله تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، أُناس تخبطوا في مصادر التلقي؛ فأصبحوا يتلقون دينهم عن المنامات، وأكاذيب الحكايات، فقبحاً قبحاً لمن لم يرفع بكلام الله رأساً، وبسنة الحبيب اقتداءً وتأسياً ..
¥