وفي حديث ركوب الدابة الذي رواه أهل السنن عن علي بن أبي طالب أيضاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أُتي بدابة ليركبها إذا وضع رجله في الركاب قال: ((بسم الله)) ثم إذا استوى على ظهرها قال: ((الحمد لله)) ثلاثاً. ثم قال {سبحان الذي سخر لنا هذا وما ما كنا له مقرنين، وإنَّا إلى ربنا لمنقلبون} ثم يكبر ثلاثاً، ويحمد ثلاثاً، ثم يقول: ((لا إله إلا أنت)) ثم يضحك ويقول: ((ألا تسألوني مم ضحكت؟ إن الرب ليعجب إذا قال عبده اغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يقول: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنا)) رواه أبو داود والترمذي والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وكان أصحابه في حياته يأتيه أحدهم فيطلب منه أن يستغفر له كثيراً، وقد قال تعالى في المنافقين: {وإذا قيلَ لهم تَعَالَوْا يستغفرْ لكم رسول الله لَوَّوْا رؤوسهم ورأيتهم يصدُّون وهم مستكبرون، سواء عليهم أستغفرتَ لهم أم لم تستغفرْ لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين}.
وقد قال تعالى في حق غير المنافقين: {فاعف عنهم واستغفرْ لهم وشاورهم في الأمر}.
وقال تعالى: {واستغفرْ لذنبكَ وللمؤمنينَ والمؤمنات}، وقال: {ولو أنهم إذْ ظلموا أنفسَهُم جاؤوك فاستغفروا اللهَ واستغفر لهم الرسولُ لوجدوا الله تواباً رحيماً}.
والمؤمنون شرع لهم أن يستغفر بعضهم لبعض، وكان الصحابة أيضاً يستغفرون للرسول، ففي الحديث الصحيح أن الأنصار قالوا: يغفر الله لرسول الله، يعطى صناديد نجد ويدعنا. [رواه بنحوه البخاري في كتاب المغازي].
وفي الحديث الآخر، أن عبدالله سرجس قال غفر الله لك يا رسول الله.فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ولك)) فقالوا: استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ((ولكم)) ثم قرأ قوله تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}
فلما مات لم يكن أصحابه يأتون قبره فيقولون: استغفر لنا. كما كانوا يأتونه في حياته، وكذلك لما أجدبوا لم يأتوا إلى قبره فقالوا ادع الله لنا. كما كانوا في حياته إذا أجدبوا أتوا إليه فقالوا: ادع الله لنا؛ بل كانوا هم يدعون الله، ويستسقون تارة بالعباس، وتارة بيزيد بن الأسود الجرشي، فيقولون له: ادع لنا، ويقولون: اللهم إنا نتوسل إليك به، أي بدعائه وشفاعته، وكثيراً من الأوقات لا يستسقون الله بأحد؛ بل يدعون الله تعالى.
وكذلك الاستنصار، كانوا في حياته يقولون: يا رسول الله، ألا تدعوا لنا، ألا تستنصر لنا؟ وأما بعد وفاته فلم يكونوا يفعلون ذلك؛ بل كانوا هم يدعون الله تعالى، ويستنصرونه، يعتدّون به، وكان عمر لما غزا النصارى يقنت عليهم في الصلاة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت على الكفار، وكان عمر يدعو بدعاء يناسب ذلك فيقول: اللهم عذب كفرة أهل الكتاب، الذين يصدون عن سبيلك، ويبدلون دينك، ويكذبون رسلك. [رواه أحمد مرفوعاً، وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح]
ونحو ذلك، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت يدعو للمؤمنين، ويلعن الكفار، ويدعو بدعاء يناسب ذلك مثل قوله: ((اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين)) رواه البخاري، ومسلم واللفظ لمسلم.
وكذلك لما استسقى عمر بالعباس قال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقنا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون. رواه البخاري في صحيحه.
وكان توسلهم في حياته توسلاً بدعائه، وشفاعته، واستسقائه لهم، فلما مات لم يطلبوا ذلك منه بعد موته، ولا قالوا: ادع لنا؛ بل توسلوا بدعاء العباس).
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[23 - 11 - 06, 09:19 م]ـ
إتمام الكلام المحتوي بيان ضعف بقية روايات الأعرابي
قد بينا على حلقتين الكلام على رواية الأعرابي المكذوبة على لسان علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والرواية الثانية المكذوبة المنقطعة عن العتبي، وبقي بعض روايات هي أوهى وأضعف، ولكن لإقامة الحجة، وبيان كذب أدعياء المحبة، وسلوكهم القبيح بتتبع الحكايات والمنامات والأحاديث الموضوعة، ورميهم لإتباع محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء بالأمر باتباع السنة، فإلى بقية الروايات الواهية.
¥