فأما خشيتي من عدم ضبطك لقول مخالفك، فإني أخشى أن يأتي ردك القادم فيه إثبات أن ابن الباقلاني مثلاً يتأول صفتي الغضب والرضا بإرادة الإثابةالمرضي عنه، وإرادة عقوبة المغضوب عليه!
يا أيها المحترم ..
لم ننازعك أنّ المتقدمين من الأشاعرة (وإن أبيت) يتأولون بعض الصفات ..
إنما فرقنا بين المتقدمين والمتأخرين برفض المتقدمين تأويل بعض الصفات، وأن التأويل في كلامهم خلاف ما عند المتأخرين الذي هو الأصل وإن زعموا جواز التفويض ..
بل نقول إن المتقدمين من الأشاعرة يردون على من تأوّل بعض الصفات التي يثبتونها، بل؛ ويجعلون ذلك من الضلال.
وقلنا إن أهم الصفات التي رفض متقدمو الأشاعرة تأويلها، العلوّ والاستواء ..
بينما رفض هذه الصفة المتأخرون من الأشاعرة ورثة الجهميّة والمعتزلة، (من فضلك: لا تقل إنهم أثبتوا علو القهر الذي أثبته أهل القبلة كافة!)
بل إن ابن الباقلاني يردّ على من أول اليدين بالقدرة أو النعمة، ويقول: (هذا باطل لأن قوله [بيدي] يقتضي إثبات يدين هما صفة له، فلو المراد بهما القدرة؛ لوجب أن يكون له قدرتان ... ).
إلى أن قال: (وقد أجمع المسلمون من مثبتي الصفات والنافين لها؛ على أنه لا يجوز أن يكون له تعالى قدرتان، فبطل ما قلتم، وكذلك لا يجوز أن يكون الله تعالى خلق آدم بنعمتين، لأن نعم الله تعالى على آدم وعلى غيره لا تحصى ... ) التمهيد ص 259.
ما رأيك؟
هل يبطل ابن الباقلاني ما يذهب إليه المتأخرون من الأشاعرة؟
هل هناك فرق منهجي بين المتقدمين والمتأخرين من الأشاعرة؟
هل يصلح كلام الباقلاني كرد على المتأخرين من الأشاعرة المتأولين لليد بالقدرة أو النعمة، أم أنّه يصلح فقط للرد على بعض طوائف المجوس على كوكب زحل؟!
===
وأما عدم إنصافك للمخالف ولنفسك فإني أرجو أن ترجع إلى الموضع الذي نقلتَ منه من كتاب البيهقي (الاعتقاد)، حين نقلت قوله:
وعزوتَ إلى الاعتقاد 117.
فهلا رجعتَ بعض الأسطر ونقلتَ قول البيهقي:
[ ... وقوله عز وجل: (وهو معكم أينما كنتم) إنما أراد به بعلمه لا بذاته.
ثم المذهب الصحيح في جميع ذلك؛ الاقتصار على ما ورد به التوقيف دون التكييف، وإلى هذا ذهب المتقدمون من أصحابنا، ومن تبعهم من المتأخرين، وقالوا: الاستواء على العرش قد نطق به الكتاب في غير آية، ووردت به الأخبار الصحيحة، فقبوله من جهة التوقيف واجب، والبحث عنه وطلب الكيفية له غير جائز]
[ ... وقوله عز وجل: (وهو معكم أينما كنتم) إنما أراد به بعلمه لا بذاته.
ثم المذهب الصحيح في جميع ذلك؛ الاقتصار على ما ورد به التوقيف دون التكييف، وإلى هذا ذهب المتقدمون من أصحابنا، ومن تبعهم من المتأخرين، وقالوا: الاستواء على العرش قد نطق به الكتاب في غير آية، ووردت به الأخبار الصحيحة، فقبوله من جهة التوقيف واجب، والبحث عنه وطلب الكيفية له غير جائز]
فهذا البيهقي
يفرق بين المتقدمين والمتأخرين ..
بقي ما طالبناك به من قبل لكنك لم تلتفت إليه ـ يسّر الله حالك، وألهمك رشدك ـ، هل تستطيع أن تأتينا بما يفيد تجويز المتقدمين التأويل؟
بالطبع نعني المواضع التي أنكروا فيها التأويل وأبطلوه وردوا على من تأولها يا أخ عبدالله!
وقد تقدم بعضها ..
شيخنا العزيز حفظك الله:
فهمت من كلامك أن متقدمي الأشاعرة الأصل عندهم الإثبات وربما حدث عندهم التأويل ولكنه عارض ليس أصلا وهذا صحيح بلاريب فعندهم الإثبات-على رأيك- هو الراجح والتأويل مرجوح لأن الأول هو مذهب السلف لكن ياأخي لم ينكروا التأويل من أساسه ومااستدللت به على مسألة الإستواء بالإستيلاء إنما ردوا لأنه استعمال سيء للتأويل بدليل أن بعض المتقدمين تأولوا ولو كان ممتنعا وغير جائز مطلقا لما فعلوا ذلك والكل داخل تحت مسمى المذهب الأشعري أي المثبتون والمؤولون فمن أثبت مع تفويض فبإجتهاده ومن أول فبإجتهاده
وأما استدلالك بالعلو فسبق التوضيح أن الكل لم يثبت علو الذات وأتحداك أن تثبت عن متقدمي الأشاعرة أنهم قالوا بعلو الذات؟
فالمتقدمون أطلقوا العلو كما سبق ذكر نصه
والمتأخرون قالوا أنه علو القهر والمنزلة
فهل هناك تعارض؟
الجواب لا لأن إطلاقهم العلو يرجع معناه إلى علو المنزلة والقهر
وتوضيحا أنقل نص الإمام ابن جرير الطبري وهو من أئمة السلف قال:
"فقل علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال" 1/ 222 تفسير ابن جرير
فاتضح بهذا أن السلف كانوا يؤولون الإستواء بعلو الملك والسلطان والقهر وهوعلو رتبة (معنوي) لا علو حسي حقيقي
ـ[عبدالله الراجحي]ــــــــ[25 - 12 - 06, 03:51 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
يا أخ عبدالله هداك الله!
أنت تعلم أنه لم يرد لغةً، فلماذا هذه المغالطة؟
على كل حال أشكرك على هذه المشاركة الجميلة!!، فأنت هنا تثبت المطلوب جزاك الله خيرًا ..
أن هناك تنازعًا بين الأشاعرة في مسائل الصفات ..
فبعضهم يرتضي التأويل (وهم المتأخرون من جهمية الأشاعرة)
وبعضهم لا يرتضيه ويشنّع عليه ويرده ويبطله ..
وهو المطلوب إثباته ..
حياك الله ..
لكنك نسيت أمرا مهما ..
أن الذين لا يرتضون التأويل هم المتقدمون ومن تبعهم من المتأخرين كما قال البيهقي، وسبق نقله.
والآن، ما رأيك في كلام الباقلاني حول اليد وإبطاله للتأويل بالقدرة أو بالنعمة؟
أصلح الله قلبك، وألهمك رشدك ..
شيخنا إذا كان عندك تاج العروس فابحث حول معاني استوى ولاأعلم هل هو أوغيره ذكر من المعاني الإستيلاء لأن الكتاب ليس بحوزتي ..
=كلام الإمام البيهقي لايفيد التفريق بين المنهجين بل غايته أن المذهب الصحيح التفويض وليس التأويل لكن هل أنكر الإمام البيهقي التأويل
صنيع الإمام في كتاب الأسماء والصفات دال على أن التأويل جائز عنده بل قد ثبت التأويل عند الباقلاني وهو من المتقدمين
وأما كلام الباقلاني في صفة اليد وتأويلها بالقدرة ليس من جهة أنها غير ثابتة لغة بل من جهة أن سياق الآيات لايساعد هذا المعنى ومع هذا لم ينكر الباقلاني التأويل مطلقا فتنبه
ومن أول من الأشاعرة اليد بالقدرة أو النعمة إنما هو تأويل ظني كما قرروه والباقلاني كان رده لسوء استعمال التأويل ..
¥