وهذا الكلام الذي ذكره البوطي في محاولته التقليل من شأن نقد ابن تيمية للمنطق غير صحيح، ويدل على عدم صحته عدة أمور منها:< o:p>
الأول: أنه من المقرر بداهة أن الردّ على الباطل لا بدّ أن يكون عن سابقة علم به؛ إذ كيف يرد الإنسان على شيء يجهله، وهذا ما ذكره الغزالي -الشخصية التي أعجب بها البوطي-، فإنه قال في مقدمة "مقاصد الفلاسفة": «الوقوف على فساد المذاهب قبل الإحاطة بمداركها محال، بل هو رمي في العماية والضلال» < SUP>([47] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn47)).
والثاني: أن البوطي نفسه يقرر هذا التقرير وهو أن الرد على الباطل لا بد وأن يكون بعد علم به فإنه لما ذكر النقد الذي وجهه المازري على الغزالي في قراءته لرسائل إخوان الصفا قال: «ما هو محط الإنكار في هذا على الغزالي ... < o:p>
إن كان مجرد القراءة هو محط الإنكار، فقد علمنا أنه ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ولا في شيء من قواعد الشرع ما يدل على أن قراءة كلام المبطلين أو الإصغاء إليه لمن يريد أن يكشف عن عواره ويعلن عن بطلانه وزيغه من الانحراف الذي يستوجب الطعن، بل قرأنا في كتاب الله تعالى ما يدل على أنه واجب كفائي يثاب عليه، وهو قول الله تعالى: â äí÷?$# 4?n([48] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn48)).
ولما ذكر البوطي إنكار المازري على الغزالي قراءته لابن سينا قال: «لقد كان من نتيجة قراءة الغزالي آراء ابن سينا وأفكاره أن أثبت موجبات كفره، ودلائل زيغه عن المحجة، وشروده إلى أودية التيه ... < o:p>
فهل يفسر إنكار المازري على الغزالي فعله هذا إلا غيرة على ابن سينا، وإشفاقًا عليه من فضح الغزالي له .. » < SUP>([49] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn49)).
فهذا الكلام من البوطي يرد عليه تنقصه لابن تيمية في موقفه من المنطق؛ لأن فعل ابن تيمية لم يخالف فعل الغزالي فكيف يفرق بين المتماثلات.< o:p>
الثالث: قول البوطي أن ابن تيمية غارق في التعامل مع الأقيسة والموازين الفلسفية، إن قصد أنه مكثر لذكرها في كتبه، على جهة التحذير منها وبيان ما فيها من أغلاط ومناقشة القائلين بها في مقدماتهم وأصولهم، فهذا صحيح، فابن تيمية لا يدع فرصة يجدها إلا ويستغلها في بيان ما عند هؤلاء من باطل وزيغ، وهذا هو ثمرة معرفة مثل هذه العلوم وهو من أداء الواجب الذي كُلِّف به العلماء، فأي عيب في مثل هذه الحال!!.< o:p>
وأما إن قصد أن ابن تيمية مكثر وموغل في التعامل مع الأقيسة المنطقية والفلسفية على جهة التقرير والتسليم بما فيها، فهذه دعوى تحتاج إلى دليل، ولم يذكر البوطي ما يدل على أن ابن تيمية كان مكثرًا أو حتى مقلاً من استعمال الحدود أو الأقيسة المنطقية على جهة التسليم بها.< o:p>
ومما ينبغي أن يعلم أن لفظ المنطق في هذا العصر أصبح لفظًا مجملاً يحتمل معنين:< o:p>
المعنى الأول: مطلق استعمال التقاسيم العقلية والتراتيب العلمية من المقدمات والنتائج ونحو ذلك مما يرجع إلى الاستعمال العقلي.< o:p>
¥