تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمعنى الثاني: المنطق المخصوص الذي هو منطق أرسطو أو المنطق اليوناني بجملته، فأصبح كثير من الباحثين في تاريخ المنطق يعتقد أن نقد ابن تيمية للمنطق أو غيره من الأئمة راجع إلى المنطق بالمعنى الأول، فأخذوا يقررون أن السلف وابن تيمية محاربون للعقل، وأن استعمال العقل عندهم يؤدي إلى الزندقة؛ لأنهم قالوا: «من تمنطق فقد تزندق» على أن المنطق هنا بمعنى استعمال العقل مطلقاً < SUP>([50] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn50))، وهذا في الحقيقة راجع إلى الجهل بالمراد بالمنطق عندهم، فإنه لم يكن المقصود بالمنطق عندهم إلا المنطق المخصوص الذي هو منطق أرسطو، فإن قصد البوطي أن ابن تيمية كان مكثرًا من استعمال المنطق بالمعنى الأول فهذا صحيح ولا عيب فيه، وإن كان يقصد أنه موغل في المنطق بالمعنى المخصوص فهذه دعوى لم يذكر عليها دليلاً كما سبق. بل هو في الحقيقة مخالف لمن هو أعلم منه بابن تيمية وبالمنطق من العلماء، ومخالف لما هو مشهور عن ابن تيمية في مناقضته للمنطق، فكيف يقبل قوله هذا بلا دليل؟!!.< o:p>

والأمر الثالث من الأمور التي حاول بها أصحابها التقليل من قدر نقد ابن تيمية للمنطق: أن ابن تيمية لم يأتي بجديد في نقده، فنقده لا يَعْدُو أن يكون تجميعًا لأقوال من سبقه ممن نقد المنطق، كأبي البركات البغدادي، فابن تيمية يعتبر في الحقيقة تلميذًا من تلاميذه في نقد المنطق والفلسفة< SUP>([51] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn51))، وكأبي عمر الرازي والسهروردي المقتول، فنقد ابن تيمية مقصور على جمع أقوال هؤلاء وغيرهم فأي تميّز في مثل هذا؟! < o:p>

وهذا الكلام ليس بصحيح ولا يصح أن يورد في الحكم على نقد ابن تيمية بالتميّز؛ وذلك لأمرين:< o:p>

الأول: أن الحكم بتميز ابن تيمية في نقده لمنطق أرسطو لا يلزم منه أن كل ما نقد به المنطق أتى به من عند نفسه، ولا هو من لوازم الحكم بالتميّز أصلاً، وذلك أن الحكم بالتميّز والتفضيل راجع إلى مجموع الصفات وكثرتها لا إلى فرد فرد منها، فإن المفضول قد يفوق الفاضل في بعض الصفات، ومع هذا لا يكون فاضلاً؛ لأن وجود صفة فائقة عند المفضول لا تجعله فاضلاً بنفسها، وإنما باشتراك صفات أخرى معها.< o:p>

ومما يوضح هذا الكلام أن بعض التابعين قد يفوق أحد الصحابة في بعض الأعمال، ومع ذلك لا يحكم بكونه أفضل من ذلك الصحابي المعين بإطلاق، وهذا الكلام يوضحه الأمر الثاني.< o:p>

الثاني: أن يقال: إن التميز ليس راجعًا إلى الاختصاص بأصل المتميز به دائمًا، بل تارة يكون التميّز بأصل المتميز به، وتارة يكون بكماله.< o:p>

وبيان هذا الكلام: أن حقيقة التميّز راجعة إلى انفراد المتميز عن أفراد جنسه بوصف يخصه. قال في اللسان: «التميز: التمييز بين الأشياء … وميزت الشيء أميزه ميزًا: عزلته وفرزته» < SUP>([52] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn52))، وهذا الانفراد والتميز إما أن يكون بأصل الصفة، كتميز العالم بين قوم جاهلين، وإما أن يكون بكمال الصفات ومجموعها، ومن الأمثلة على ذلك وصف حاتم الطائي بأنه أكرم العرب، فإنه لا يلزم منه أن غيره من العرب لم يكن كريماً، وإنما المقصود أن حاتماً فاق غيره في هذه الصفة.< o:p>

فكذلك الحكم على نقد ابن تيمية بالمتميز قد يكون راجعًا إلى انفراده بأصل بعض الأفكار، وقد يكون راجعًا إلى اتصافه في بعض الأفكار بكمالها وهي موجودة عند غيره في أصلها، وسيأتي لهذا الكلام مزيد شرح إن شاء الله.< o:p>

والأمر الرابع من الأمور التي حاول بها أصحابها أن يقللوا من قدر نقد ابن تيمية للمنطق: أن ابن تيمية في نقده للمنطق لم يأتِ لنا ببديل بل كان نقده هدمًا مجردًا، وهذا ما قاله عبدالله العروي عن ابن تيمية في نقده للمنطق وفي هذا يقول: «هل حاول الفقيه الحنبلي -ويقصد ابن تيمية- أن يضع مقابل القياس الأرسطي الذي ينقده نمطًا آخر من البرهان يفرض نفسه على المسلم وغير المسلم» < SUP>([53] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn53)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير