تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمقصود هنا: أن ابن تيمية كان له تميّز ظاهر في حرصه على ذكر البديل عن المنطق الأرسطي، وهذا يرد على دعوى عبدالله العروي التي سبق ذكرها من أن ابن تيمية لم يذكر البديل عن القياس الأرسطي.< o:p>

السادس: أن ابن تيمية سبق غيره ممن جاء بعده سواء في تقعيد بعض الأفكار وإنشائها أو في تفعيل بعضها وتطويرها، ومن هذه الأفكار:< o:p>

الأولى: قصر التعريف على ذكر الخواص، وهذه الفكرة لم يتفرد بها ابن تيمية، ولكنه تميز بتفصيلها وتطويرها، وإلا فإن المتكلمين قد قالوا بها أيضًا، وهم قد سبقوا أصحاب المنطق الحديث في قولهم بقصر الاستقراء على الخواص< SUP>([70] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn70)).

والثانية: تفعيله للمنهج التجريبي في المعرفة، فليس هناك في الحقيقة من تكلم فيها قبل العصور الحديثة بما تكلم به ابن تيمية في هذا المنهج، لقد وصل حقًا إلى أوج الدرج في فلسفة المنهج التجريبي< SUP>([71] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn71))، وهذا لا يعني أنه موافق لهم في كل التفاصيل.< o:p>

والثالثة: إنكاره لفكرة التصور المفرد الخالي عن كل قيد، وقرر أن التصور المفرد لا يسمى علمًا، ولا يتعلق به الإدراك، وهو يرى أن كل تصور وراءه حكم مكون من محمول وموضوع، وبهذا سبق "فيكتور كوزان" ومدرسته من المناطقة السيكلوجيين الذين اكتشفوا الأحكام الممكنة وعملها في تكوين التصورات< SUP>([72] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn72)).

والرابعة: فكرة اللزوم في الدليل وتفعيله لها، فإن الحقيقة المعتبرة في كل دليل عند ابن تيمية هي اللزوم، فكل ما استلزم شيئًا ما فهو دليل عليه، وكل من عرف أن هذا لازمًا لهذا استدل بالملزوم على اللازم، وبهذا أبطل أن يكون القياس الأرسطي هو الصورة الوحيدة للبراهين، وهو بهذا قد سبق المناطقة المحدثين في نقدهم للقياس الأرسطي من هذه الجهة< SUP>([73] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn73)).

السابعة: ومما يدل على تميّز ابن تيمية أنه ركّز في نقده على بيان خصوصية المنطق الأرسطي، وأنه منهج خاص لا يصلح أن يكون منهجًا يعمم على كل الناس، وهذا يبطل فكرة أرسطو التي أرادها لمنطقه، وأنه لا طريق للعلم عند كل الناس إلا طريقه، وقد بين ابن تيمية خصوصية منطق أرسطو بثلاثة طرق:< o:p>

الأول: أن المنطق الذي جاء به أرسطو هو في حقيقته اصطلاح خاص به بنى الحقائق على مقتضاها.< o:p>

والثاني: أن المنطق الأرسطي يبنى على مقتضى اللغة اليونانية.< o:p>

والثالث: أنهم قالوا بالمنطق ليخدم علومهم فقط.< o:p>

أما بالنسبة للأمر الأول وهو أن المنطق هو في الحقيقة اصطلاح خاص بأرسطو بنى الحقائق العلمية على مقتضاها، فأرسطو ومتبعوه جعلوا الحقائق تابعة لاصطلاحهم، ففرقوا بين الحقائق العلمية الخارجية بمصطلحاتهم الخاصة بهم، وحقيقة هذا الفعل هو أن الحقائق العلمية تكون تابعة لمصطلحات الناس، والاصطلاحات تابعة للتصورات، فعلى هذا تكون الحقائق الخارجية تابعة لتصوراتنا عنها، ومن المعلوم بداهة أن الحقائق الخارجية المستغنية عنا لا تكون تابعة لتصوراتنا، بل تصوراتنا تابعة لها، ولهذا لما ذكر ابن تيمية بطلان تفريقهم بين الذاتي والعرضي الملازم وأنه في الحقيقة لا فرق إلا في مجرد الاصطلاح، قال: «وهذا وضع مخالف لصريح العقل، وهو أصل صناعة الحدود الحقيقية عندهم، فتكون صناعة باطلة؛ إذ الفرق بين الحقائق لا يكون بمجرد أمر وضعي بل بما هي عليه الحقائق نفسها»، وهذا الكلام كرره ابن تيمية في مواطن من نقده، فقال: « ... الأمور الحقيقية العلمية لا تختلف باختلاف الأوضاع والاصطلاحات، كالمعرفة بصفات الأشياء وحقائقها، فالعلم بأن الشيء حي أو عالم أو قادر أو مريد أو متحرك أو ساكن أو حساس أو غير حساس ليس هو من الصناعات الوضعية ... فإن العلوم العقلية تعلم بما فطر الله عليه بني آدم من أسباب الإدراك، لا تقف على ميزان وضعي لشخص معين» < SUP>([74] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn74))، ولما ذكر اشتراطهم في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير