تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال تعالى: ?أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا? [النساء:82]، وقال تعالى: ?وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا? [آل عمران: 103].

وكان السبب في اتفاق أهل الحديث أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة وطريق النقل فأورثهم الاتفاق والائتلاف، وأهل البدع أخذوا الدين من عقولهم فأورثوا التفرق والاختلاف؛ فإن النقل والرواية من الثقات والمتقنين قلّما تختلف، وإن اختلفت في لفظة أو كلمة؛ فذلك الاختلاف لا يضر الدين ولا يقدح فيه، وأما المعقولات والخواطر والآراء فقلّما تتفق.

ورأينا أصحاب الحديث قديماً وحديثاً هم الذين رحلوا في هذه الآثار وطلبوها، فأخذوا عن معادنها وحفظوها، واغتبطوا بها ودعوا إلى اتباعها، وعابوا من خالفهم، وكثرت عندهم وفي أيديهم، حتى اشتهروا بها كما يشتهر أصحاب الحرف والصناعات بصناعاتهم وحرفهم، ثم رأينا قوماً انسلخوا من حفظها ومعرفتها، وتنكبوا عن اتباع صحيحها وشهيرها، وغنوا عن صحبة أهلها، وطعنوا فيها وفيهم، وزهدوا الناس في حقها، وضربوا لها ولأهلها أسوء الأمثال، ولقبوهم أقبح الألقاب، فسموهم نواصب أو مشبهة وحشوية أو مجسمة، فعلمنا بهذه الدلائل الظاهرة والشواهد القائمة أن أولئك أحق بها من سائر الفرق ().

وقفة:

قال فودة في "الموقف" (ص41): إن أكثر الخلافات الواقعة في علم الكلام لا يبلغ مبلغ إكفار المخالف.

قلت: وهذا من تناقضه؛ فإليك بعض الأمثلة من كتبه فيها التصريح بإكفار المخالف.

قال في "السنوسية" (ص60): فالإجماع واقع على كفر من نفى المعنوية - أي من الصفات - أما المعاني فلا.

وقال في "السنوسية" أيضاً (ص62): قال البيجوري: فليس الله عن يمين العرش ولا عن شماله ولا أمامه ولا خلفه ولا فوقه ولا تحته؛ فليحذر كل الحذر مما يعتقده العامة من أن الله تعالى فوق العامة، لكن الصحيح أن معتقد الجهة لا يكفر كما قاله ابن عبد السلام, وقيده النووي بأن يكون من العامة. ثم نقل كلاماً للعز. ثم قال سعيد: وظاهره أن التقييد في حق العامة من العز وليس من النووي وإنما النووي تبعه.

وقال كذلك في "السنوسية" (ص122): إن من اعتقد أن تلك الأسباب تؤثر في ما قارنها بطبع أو علة فلا خلاف في كفره.

وكم في كتبه من نبز علماء السنة والحنابلة خاصة, وأخصهم شيخ الإسلام بالتجسيم والتشبيه؛ والتي تساوي الكفر عنده.

تقديس العقل وتقديمه على النقل

قال سعيد في "النقد والتقويم" (ص32): وقد مدح الله قوماً لأنهم يعقلون, وهذا إشارة إلى مدح مطلق العقل, وأنه لا يوجد شيء اسمه عقل مذموم إلا على سبيل المجاز .. فالعقل ممدوح مطلقاً لأن الله تعالى مدحه مطلقاً, ومدح المتصف بالعقل, ولم يرد في نص ذم للعقل ولا يجوز شرعاً ذمه.

ويقول أيضاً في "الموقف" (ص50): واعلم أن ترتيب طرق المعرفة من حيث الأفضلية هي كما يلي: أفضلها وأقواها المنطق والعقل.

وللرد عليه:

أولاً: كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن طريق النجاة من العذاب الأليم والسعادة في دار النعيم الطريق إلي ذلك هو الرواية والنقل إذ لا يكفي من ذلك مجرد العقل بل كما أن نور العين لا يرى إلا مع ظهور نور قدامه؛ فكذلك نور العقل لا يهتدي إلا إذا طلعت عليه شمس الرسالة.

وقال ابن خلدون في "مقدمته" (ص364): العقل ميزان صحيح، فأحكامه يقينية لا كذب فيها، غير أنك لا تطمع أن تزِن به أمور التوحيد، والآخرة، وحقيقة النبوة، وحقائِق الصفات الإِلهية، وكل ما وراء طوره، فإن ذلك طمع في محال، ومثال ذلك مثال رجل رأى الميزان الذي يوزن به الذهب، فطمع أن يزن به الجبال، وهذا لا يدل على أن الميزان في أحكامه غير صادق، لكن العقل قد يقف عنده، ولا يتعدى طوره حتى يكون له أن يحيط بالله وبصفاته، فإِنه ذرة من ذرات الوجود الحاصل منه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير