تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وهو قصد بالدليل القطعي العقل, وإن حاول أن يجعل مستندهم في إثبات الصفات التي يثبتونها السبع الكتاب والسنة؛ ففي الحقيقة أن مستندهم العقل فقط, ويحاولون أن يتستروا بالنقل. ولو كان مستندهم في ذلك النقل لأثبتوا بقية الصفات التي وردت بالنقل, ولم يفوضوها أو يؤولوها.

وهو قائل بمقولة الرازي السابقة

قال في "نقض التدمرية" (144): وأما إذا تعارض قاطع سواء كان عقلياً أو نقلياً مع غير قاطع؛ فإن القاطع هو المقدم والمأخوذ به والمعتمد عليه, وفي تعارض الظنيات فيرجح ما هو راجح.

قلت: وإقحامه كلمة نقلياً إنما هي للتلبيس فالعقل من القواطع في نظره، أما النقل فمنه القاطع ومنه الظني فتأمل.

بل كفروا من اعتمد على الظن في العقائد، قال المعترض في "شرح تهذيب السنوسية" (ص30): فالشك والظن والوهم لا تكفي في العقائد بل هي كفر.

قلت: وأحاديث النبي ? لا تفيد القطع بل هي من باب الظن, ومعلوم أن كثيراً من صفات الباري ثبتت بأحاديث الآحاد, وهي ظنية؛ فلا تقدم دلالتها على قواطع فهم عقولهم.

وقال في كتابه "بحوث في علم الكلام" (ص14): ولما كان خبر الآحاد بالنظر لذاته ومن دون اعتبار القرائن المحيطة لا يفيد القطع واليقين لأنه لا يوجد إنسان معصوم مطلقاً؛ فلا يوجد خبر آحاد مقبول مطلقا! ... فخبر الآحاد وحده مجرداً عن القرائن والأحوال لا يفيد إلا الظن, وهذا على اعتبار ثقة الراوي وإلا؛ فإذا لم يكن ثقة؛ فإنه لا يفيد حتى الظن بل يكون مردوداً أو مشكوكاً فيه أو مكذوباً، لذلك لا يجوز بناء العقيدة على خبر الواحد, ولا تؤخذ العقائد من أخبار الآحاد بل تؤخذ من الأدلة القطعية ومنها خبر المتواتر.

قلت: وإقحامه المتواتر هنا ما يراد به إلا التدليس لأنه يعرف أن صفات الرب التي ثبتت بالتواتر قليلة جداً والمعول على الأحاديث التي يسمونها بالآحاد.

قلت: والصحيح أن حديث الآحاد يفيد اليقين أي العلم والعمل.

قال ابن حزم في "الإحكام" (1/ 112): فصل هل يوجب خبر الواحد العدل العلم مع العمل أو العمل دون العلم؟

قال أبو محمد: قال أبو سليمان والحسين عن أبي علي الكرابيسي والحارث بن أسد المحاسبي وغيرهم؛ أن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله ? يوجب العلم والعمل معاً، وبهذا نقول. وقد ذكر هذا القول أحمد بن إسحاق المعروف بابن خويز منداد عن مالك بن أنس.

وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (1/ 8) ناقلاً الخلاف في هذه المسألة: وقال قوم كثير من أهل الأثر وبعض أهل النظر أنه يوجب العلم الظاهر والعمل جميعاً منهم؛ الحسين الكرابيسي وغيره، وذكر ابن خوازبنداد أن هذا القول يخرج على مذهب مالك.

قال أبو عمر: الذي نقول به أنه يوجب العمل دون العلم كشهادة الشاهدين والأربعة سواء, وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر, وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ويعادى ويوالى علها ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده على ذلك جماعة أهل السنة, ولهم في الأحكام ما ذكرنا وبالله توفيقنا.

البحث في مسائل متعددة

1 - هل تراجع الأشعري عن مذهبه إلى عقيدة السلف؟

أبو الحسن الأشعري الذي ينتسب إليه هذا المعترض قد مر بثلاث مراحل في العقيدة، فالمرحلة الأولى مرحلة الاعتزال، فقد اعتنق مذهب المعتزلة أربعين عاماً يقرره ويناظر فيه ثم رجع عنه وصرح بتضليل المعتزلة وبالغ في الرد عليهم.

وسبب ذلك المناظرة المشهورة مع الجبائي شيخ الاعتزال في عصره في قول المعتزلة: يجب على الله فعل الأصلح.

فقال له الأشعري: بل يفعل ما يشاء, فما تقول في ثلاثة أخوة مات أحدهم وكبر اثنان فآمن أحدهم وكفر الآخر فما العلة في اخترام الطفل؟

قال: لأنه تعالى علم أنه لو بلغ لكفر فكان اخترامه أصلح له.

قال الأشعري: فقد أحيا أحدهما فكفر.

قال: إنما أحياه ليعرضه أعلى المراتب.

قال الأشعري: فلم لا أحيا الطفل ليعرضه لأعلى المراتب؟

قال الجبائي: وسوست.

قال: لا والله , ولكن وقف حمار الشيخ (). ثم تاب الأشعري من الاعتزال, وصعد على المنبر وقال: إني كنت أقول بخلق القرآن, وأن الله لا يرى بالأبصار, وأن الشر فعلي ليس بقدر, وإني تائب معتقد الرد على المعتزلة ().

ثم المرحلة الثانية وهي مرحلة بين الاعتزال المحض والسنة المحضة, وهي طريقة أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير