تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقل سعيد فودة في كتابه "الفرق العظيم" (36): قول المحلي في "شرحه لجمع الجوامع": وننزهه عند سماع المشكل منه كما في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} , {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ}، {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} , {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}. وقوله عليه الصلاة والسلام: ((إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن ... ))، ثم ذكر .. اختلف أئمتنا أنؤول أم نفوض؟ ثم ذكر أن مذهب السلف أسلم وهو التفويض ومذهب الخلف أعلم وهو التأويل.

قلت: أما قوله أن آيات الصفات من المشكل فهو تخرص وقول بلا دليل.

قال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (1/ 49): "اتفاق الصحابة في مسائل الصفات"، قال: وقد تضمن هذا أموراً منها أن أهل الإيمان قد يتنازعون في بعض الأحكام ولا يخرجون بذلك عن الإيمان, وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيماناً, ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم لم يسوموها تأويلاً, ولم يحرفوها عن مواضعها تبديلاً, ولم يبدوا لشيء منها إبطالاً ولا ضربوا لها أمثالاً, ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها, ولم يقل أحد منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها، بل تلقوها بالقبول والتسليم, وقابلوها بالإيمان والتعظيم, وجعلوا الأمر فيها كلها أمراً واحداً, وأجروها على سنن واحد, ولم يفعلوا كما فعل أهل الأهواء والبدع حيث جعلوها عضين, وأقروا ببعضها, وأنكروا بعضها من غير فرقان مبين مع أن اللازم لهم فيها أنكروه كاللازم فيما أقروا به وأثبتوه.

وأما قوله: مذهب السلف أسلم وهو التفويض ومذهب الخلف أعلم وهو التأويل.

قلت: قال شيخ الإسلام: ولا يجوز أيضا أن يكون الخالفون أعلم من السالفين كما قد يقوله بعض الأغبياء ممن لم يقدر قدر السلف، بل ولا عرف الله ورسوله والمؤمنين به حقيقة المعرفة المأمور بها من أن طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم.

فإن هؤلاء المبتدعين الذين يفضلون طريقة الخلف من المتفلسفة ومن حذا حذوهم على طريقة السلف إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} [البقرة:78]، وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات.

فهذا الظن الفاسد أوجب تلك المقالة التي مضمونها نبذ الإسلام وراء الظهر, وقد كذبوا على طريقة السلف, وضلوا في تصويب طريقة الخلف؛ فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف في الكذب عليهم وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف ().

قلت: ومن الدليل على تجهيلهم للسلف قول المعترض في "الفرق العظيم" (ص38): هذا مع ملاحظة إمكان فهم شيء لم يفهمه السلف أو بالأصح لم يهتموا كثيراً بتدقيقه وتنقيحه .. فتأمل.

وجعل التفويض مذهب السلف: قال في "الفرق العظيم" (ص11): هذا هو مذهب السلف رحمهم الله تعالى فهم يفوضون في المعنى, ولا يفسرون فأين هذا المذهب من قول من يفسر وينسب لله تعالى اليد الجارحة والاستواء الذي هو جلوس واستقرار ومماسة ونزولاً هو حركة وانتقال وغير ذلك.

قلت: أما قوله أن السلف يفوضون المعنى فهو من الكذب عليهم، بل السلف يثبتون المعنى المراد, ويفوضون الكيفية, وقد نقل المعترض (ص25) قول الشهرستاني: وأما السلف الذين لم يتعرضوا للتأويل, ولا تهدفوا للتشبيه فمنهم مالك بن أنس إذ قال: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة, ومثل أحمد بن حنبل.

قلت: ومن المعلوم بداهة أن قول الإمام الاستواء معلوم أي معلوم في لغة العرب؛ وهو العلو والارتفاع, وقوله والكيفية مجهولة أي نفوضها فلا أحد يعرف كيفية استوائه إلا هو سبحانه فتأمل.

وثانيا: أن القاعدة التي يرددونها أن مذهب السلف أسلم يراد به أن السلف أجروا النصوص على ظاهرها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير