قال شيخ الإسلام: قال بعض أكابر أصحاب الشافعي: في القرآن ألف دليل أو أزيد تدل على أن الله تعالى عال على الخلق وأنه فوق عباده ().
وإليك مثال واحد من القرآن ومن السنة ومن أقوال الصحابة"
أما القرآن فقوله تعالى: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء}، وقوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ}.
ومن السنة حديث أنس أن زينب بنت جحش كانت تفخر على أزواج النبي ? تقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات.
ولفظ عيسى: كانت تقول إن الله أنكحني في السماء.
وفي لفظ أنها قالت للنبي ?: زوجنيك الرحمن من فوق عرشه.
قال الذهبي في العلو: هذا حديث صحيح أخرجه البخاري.
ومن أقوال الصحابة قول ابن مسعود الذي يقول فيه: والعرش فوق الماء, والله عز وجل فوق العرش ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم ().
12 - قال في "نقض التدمرية" (ص43): عن صفة النزول .. بل هو غير ثابت أصلاً على سبيل الحقيقة لله تعالى بل الملائكة هي التي تنزل، ونزول الله هو قربه واستجابته لدعاء العباد لا غير، ولا يوجد هناك فعل حادث يقوم بالله تعالى اسمه النزول والحركة، لا بل كل هذا محض خيال لا يقوم إلا في خيال ابن تيمية وصحبه وأتباعه.
قلت: قال ابن عبد البر في "التمهيد" (7/ 153): وقول رسول الله ? ينزل ربنا إلى السماء الدنيا عندهم مثل قول الله عز وجل: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ}، ومثل قوله: {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}، كلهم يقول ينزل ويتجلى، ويجيء بلا كيف، لا يقولون كيف يجيء وكيف يتجلى وكيف ينزل، ولا من أين جاء ولا من أين تجلى، ولا من أين ينزل، لأنه ليس كشيء من خلقه وتعالى عن الأشياء ولا شريك له.
وقال الأشعري: ونصدق بجميع الروايات التي يثبتها أهل النقل عن النزول إلى سماء الدنيا وأن الرب عز وجل يقول: ((هل من سائل هل من مستغفر؟))، وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لما قاله أهل الزيغ والتضليل ().
وقال الجيلاني: والله ينزل كل يوم إلى السماء كيف شاء, وليس بمعنى نزول الرحمة والثواب كما تدعي المعتزلة والأشعرية ().
13 - أول فودة رؤية الله سبحانه وتعالى بمعنى مزيد العلم به، قال في "شرح صغرى الصغرى" (ص86): إننا لا نريد من وقوع الرؤية إلا الحصول على علم أكثر بالله تعالى .. فالرؤية الحاصلة فينا هي عبارة عن زيادة كشف لبعض كمالات الله.
وقال في "موقف أهل السنة" (ص86): لا يستحيل عقلاً أن يخلق الله تعالى فينا إدراكا وعلماً به جل شأنه زائداً على ما أدركناه بالنظر والنقل بحيث يكون في زيادته كرؤية الشيء بعد العلم به بالنظر.
قلت: قبح الله التأويل ما يصنع بأهله، فما الفرق بين من نفى رؤية الله في الآخرة وبين من أولها.
ثم أين هي تلك الآيات والأحاديث التي فيها إثبات الرؤية على الحقيقة عياناً والنظر إلى الله تعالى بعد كشف الحجاب والذي هو أعلى نعيم في الجنة. والذي جرهم إلى ذلك الفرار من قبح إلزاماتهم، لأن من لوازم الرؤيا في مذهبهم أنه انفعال يحصل في شبكية العين نتيجة ارتطام شعاع منعكس عن المرئي بها، وهذا لازم في حق المخلوق، وأما أهل السنة فيقولون هذا لا يلزم لأن الله أخبر عن نفسه بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11].
14 - شبهة التجسيم: هذه الشبهة أكبر مسألة أخذت حيزاً في كتاب المعترض "الكاشف"، فهو يتكلم عليها في مقدمة كتابه ثم يعقد لها فصلاً مستقلاً طويلاً, ويحشر الأقوال الكثيرة من كلام شيخ الإسلام ويقتطع من هنا وهنا, ويضع اللوازم والتفسيرات , ويلبس على القاريء ويشوش عليه.
وللجواب على هذه الشبهة إليك البيان:
أولاً: إن لفظ الجسم والجسمية هي من ألفاظ أهل الكلام الذين يتبجح هذا المعترض بالانتساب إليهم, ويدعو إلى دراسة هذا العلم الذي أوله سفسطة وآخره زندقة. وهو لفظ لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وأما اللفظ - أي الجسم - فبدعة نفياً وإثباتاً فليس في الكتاب والسنة, ولا قول أحد من سلف الأئمة وأئمتها إطلاق لفظ الجسم في صفات الله تعالى لا نفياً ولا إثباتاً.
¥