تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانياً: بين شيخ الإسلام رحمه الله تعالى سبب خوضه في مثل هذه الألفاظ المجملة, والتي توهم معنى حقاً وباطلاً. فقال رحمه الله: "وإذا كانت هذه الألفاظ مجملة؛ فالمخاطب لهم إما أن يفصل ويقول ما تريدون بهذه الألفاظ؛ فإن فسروها بالمعنى الذي يوافق القرآن قبلت, وإن فسروها بخلاف ذلك ردت, وإما أن يمتنع عن موافقتهم في التكلم بهذه الألفاظ نفياً وإثباتاً؛ فإن امتنع عن التكلم بها معهم فقد ينسبونه إلى العجز والانقطاع, وإن تكلم بها معهم نسبوه إلى أنه أطلق تلك الألفاظ التي تحتمل حقاً وباطلاً, وأوهموا الجهال باصطلاحهم أن إطلاق تلك الألفاظ يتناول المعاني الباطلة التي يتنزه الله عنها" ().

قلت: كما فعل هذا المعترض في كتابه.

وقال ابن القيم رحمه الله: لما ذكر الأسباب التي تسهل على النفوس الجاهلية قبول التأويل، السبب الثاني: أن يخرج المعنى الذي يريد إبطاله بالتأويل في صورة مستهجنة تنفر عنها القلوب, وتنبو عنها الأسماع، فيتخير له من الألفاظ أكرهها, وأبعدها وصولاً إلى القلوب وأشدها نفرة، فكذلك أهل البدع والضلال من جميع الطوائف.

هذا معظم ما ينفرون به عن الحق ويدعون به إلى الباطل فيسمون إثبات صفات الكمال لله تجسيماً وتشبيهاً وتمثيلاً, ويسمون إثبات الوجه واليدين تركيباً , ويسمون إثبات استوائه على عرشه وعلوه على خلقه فوق سماواته تحيزاً وتجسيماً ويسمون العرش حيزاً ().

ثالثاً: إن من نفى لفظ الجسم والجسمية أراد نفي صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه, ووصفه بها النبي ?، كالوجه واليد والعين وغيرها من صفات الكمال له سبحانه وتعالى, وجعل إثبات الصفات يستلزم التجسيم والتركيب.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وكذلك هؤلاء نفاة الصفات أخذوا يقولون إثبات الصفات يقتضي التركيب والتجسيم. إما لكون الصفة لا تقوم إلا بجسم في اصطلاحهم, والجسم مركب في اصطلاحهم, وإما لأن إثبات العلم والقدرة ونحوهما يقتضي إثبات أمور متعددة وذلك تركيب ().

وقال رحمه الله: "فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفاة الصفات يجعلون كل من أثبتها مجسماً ومشبهاً, ومن هؤلاء من يعد من المجسمة والمشبهة من الأئمة المشهورين كمالك والشافعي وأحمد وأصحابهم ().

وقال رحمه الله: لفظ الجسم فيه إجمال قد يراد به المركب الذي كانت أجزاؤه مفرقة فجمعت أو ما يقبل التفريق والانفصال أو المركب من مادة وصورة أو المركب من الأجزاء المفردة التي تسمى الجواهر المفردة. والله تعالى منزه عن ذلك كله عن أن يكون كان متفرقاً؛ فاجتمع أو أن يقبل التفريق والتجزئة التي هي مفارقة بعض الشيء بعضا وانفصاله عنه أو غير ذلك من التركيب الممتنع عليه. وقد يراد بالجسم ما يشار إليه أو ما يرى أو ما تقوم به الصفات, والله تعالى يرى في الآخرة وتقوم به الصفات, ويشير إليه الناس عند الدعاء بأيديهم وقلوبهم ووجوههم وأعينهم؛ فإذا أراد بقوله ليس بجسم هذا المعنى. قيل له: هذا المعنى الذي قصدت نفيه بهذا اللفظ معنى ثابت بصحيح المنقول وصريح المعقول, وأنت لم تقم دليلاً على نفيه. وأما اللفظ فبدعة نفياً وإثباتاً ().

وقال ابن القيم في"الصواعق": "فالناس كانوا طائفتين سلفية وجهمية فحدثت الطائفة السبعية - الأشاعرة - واشتقت قولاً بين القولين، فلا للسلف أثبتوا ولا مع الجهمية بقوا.

وقالت طائفة أخرى: ما لم يكن ظاهره جوارح وأبعاض كالعلم والحياة والقدرة والإرادة والكلام لا يتأول, وما كان ظاهره جوارح وأبعاض كالوجه واليدين والقدم والساق والإصبع؛ فإنه يتعين تأويله لاستلزام إثباته التركيب والتجسيم.

قال المثبتون: جوابنا لكم بعين الجواب الذي تجيبون به خصومكم من الجهمية والمعتزلة نفاة الصفات؛ فإنهم قالوا لكم لو قام به سبحانه صفة وجودية كالسمع والبصر والعلم والقدرة والحياة لكان محلاً للأعراض, ولزم التركيب والتجسيم والانقسام كما قلتم لو كان له وجه ويد وأصبع لزم التركيب والانقسام. فما جوابكم لهؤلاء نجيبكم به!

فإن قلتم: نحن نثبت هذه الصفات على وجه لا تكون أعراضاً ولا نسميها أعراضاً فلا يستلزم تركيباً ولا تجسيماً.

قيل لكم: ونحن نثبت الصفات التي أثبتها الله لنفسه إذ نفيتموها أنتم على وجه لا يستلزم الأبعاض والجوارح, ولا يسمى المتصف بها مركباً ولا جسماً ولا منقسماً ().

فملخص الكلام:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير