تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوسط في أحيان كثيرة، فأنا لست مع الإيمان بالله، ولا مع إلا لحاد، وأنا لست مع المدارس الدينية ولا ضدها، ولا مع الاحتشام ولا مع التبرج، وأسعى دائماً إلى الحلول الوسط بين الاختلافات والصراعات الموجودة في المجتمع، سواء كمصالح أو مفاهيم أو مواقف وذلك من خلال الحوار والنظر بواقعية للأمور، كما أنني اقتنعت بأن رفض الأديان سيؤدي إلى إضعاف التعصب الديني الذي كان وراء كثير من الحروب في الماضي كما أن جعل القرار الأخير للشعب وللأغلبية سيؤدي إلى التخلص من انحرافات الحكومات، وتسلطها وانفراد الأفراد والأقليات بالتحكم بالأغلبية، كما أن النظام الاقتصادي الرأسمالي قد أثبت نجاحات كبيرة وحقيقية من خلال حجم الإنتاج، واستفاد جميع المواطنين من تشجيع الإبداع التكنولوجي والتنافس التجاري، وتقديم أجود الخدمات، وتحقيق قفزات هائلة في رفاهية الإنسان أما بالنسبة للفكر الماركسي فهو مهزلة فكرية، اختار بعض الفترات من التاريخ التي تناسب وتجاهل الفترات الأخرى

، فلم يدرس ماركس التاريخ بحياد وموضوعية، بل انطلق من حقد وكراهية للأغنياء، وليس من عقل بشري، كما أن أغلب بل كل نبوءات ماركس حول المستقبل، والتي منها توقع سيطرة الشيوعية على العالم فشلت فشلاً ذريعاً، وانهارت الأنظمة الشيوعية، وأصبح مكان الفكر الشيوعي المتاحف.

المعايير العقلية العلمانية:

لا زلنا نسأل العلمانية نفس السؤال: ما هي الحقائق الفكرية؟ وما هو الطريق العقلي العلماني لهذه الحقائق؟ نحن نريد حقائق، وليس أراء وظنون، نريد طريقاً مشابهاً لطريق التجربة والمشاهدة والاستنتاج الذي يوصلنا للحقائق العلمية المادية فإذا كان مرفوضاً أن يقول علماء المادة أظن أن الماء يغلي عند 20 درجة مئوية في الظروف العادية أو أظن أن الأكسجين غاز لا يساعد على الاشتعال ومبرراتي هي أن ذرته تتكون من كذا وكذا فإن مثل هذه الآراء لا وقت عند علماء المادة حتى لسماعها، فالعلم المادي بشقيه الإحيائي والتكنولوجي يعتمد على حقائق لا أراء ولا مبررات عقلية متناقضة، فعندما يقولون غليان الماء عند 100 درجة مئوية حقيقة، فإنه لا أحد يستطيع أن يعارض، فالعلمانية أعطتنا مبررات منطقية وثبت أنها متناقضة وحاول الفلاسفة وضع معايير عقلية لتحديد الحق والصواب فقالوا: لنأخذ الحرية والعدل والمنفعة والسعادة ... الخ.

ومن الصعوبات التي واجهتهم أن هناك تناقض بين هذه المعايير ومنها أن هذه أهداف عامة لا اختلاف حولها، فلا يوجد عاقل يقول أن هدفي هو التعاسة أو الظلم، وأنها مقياس لتحديد الحق من الباطل، ومن التناقض في هذه المبادئ: أن العلمانية الرأسمالية أعطت وزناً أكبر لقضايا الحرية مما جعل وزن العدل يقل في حين أن العلمانية الشيوعية فعلت العكس، فالحرية تجعل الناس يتفاوتون في ثرواتهم وحظهم من الغنى والفقر فقد يسكن فرد منهم قصراً به مئات الغرف، وينام الآخر في العراء، في حين أن الشيوعية تحرص على نفس السكن أو مساكن متقاربة ولا تعتبر هذا يعارض الحرية الشخصية بل لا تعتبر تملك الثروة الهائلة بل المعتدلة من الحرية أصلاً، والمشكلة أنه ليست عندنا حرية أو عدل فقط بل هناك مساواة ومصلحة جماعة ومصلحة فرد ومصلحة شعب، وهناك السعادة والرحمة والمنفعة " المصلحة " والإخاء والاحترام والحب والإبداع والتمتع والراحة النفسية والعزة والرفاهية والاستقرار والتملك والراحة الجسدية واللذة، وهذه وغيرها أهداف نريد أن توصلنا لها عقائدنا ونظمنا ومفاهيمنا وقوانيننا ونريد أن نصل إلى نظام صحيح يحقق التوازن الصحيح بين هذه الأمور، فلا نتطرف في ماديات ولا روحانيات ولا غرائز وهذه الأمور أهداف متداخلة مع بعضها، وأحياناً متناقضة واقتناع العقول البشرية بأهميتها كلها أو بعضها أمر مختلف فيه كما أن إعطاء أوزان لها أمر مختلف فيه حتى لو تم الاتفاق على بعضها أو كلها كعناصر معيارية فقد تكون الانتخابات تعطي حرية ولكنها قد لا تعطي عدلاً، وقد يخسرها المخلصون والعلماء وينجح بها المنافقون والجهلاء، أما إذا حددنا مواصفات دقيقة تمنع ترشيح الجهلاء والمنافقين فإن هذا معناه تقليل حجم الحرية، فالبعض لن يكون من حقه الترشيح أو حتى الانتخاب، بحث العلمانيون والفلاسفة هذه القضايا فقالوا لنعتبر الشيء حقاً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير