تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التحسين والتقبيح العقليان]

ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[04 - 06 - 07, 11:59 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فهذه مسألة مختصرة مهمة وهي من المسائل المشتركة بين العقيدة و أصول الفقه وهي مسألة التحسين والتقبيح العقليين وسوف أذكر المسألة بدون توثيقات ليسهل فهمها وأرفق المسألة موثقة في ملف في نهايتها فأقول مستعيناً بالله:

التحسين والتقبيح العقليان وفيه مسائل:

المسألة الأولى: حقيقة التحسين والتقبيح العقليين:

الحُسْن والقُبْح يطلقان باعتبارات ثلاثة:

الاعتبار الأول: أن الحُسْن هو ملاءمة الطبع، والقُبْح هو منافرته كقولنا: إنقاذ الغريق حسن، وإتهام البريء قبيح.

الاعتبار الثاني: أن الحُسْن هو الكمال، والقُبْح هو النقص كقولنا: العلم حسن، والجهل قبيح.

الاعتبار الثالث: أن الحُسْن هو استحقاق الثواب والمدح، والقُبْح استحقاق العقاب والذم.

قال القرافي: (والأولان عقليَّان إجماعاً)، وإنما وقع الخلاف في الثالث.

المسألة الثانية: الأقوال في المسألة:

والخلاف فيها بين أهل القبلة يرجع إلى ثلاثة أقوال:

القول الأول:

أن حُسْن الأشياء وقُبْحها،والثواب عليها والعقاب يعرف من جهة الشرع، وهو قول جماهير الأشاعرة.

القول الثاني:

أن حُسْن الأشياء وقُبْحها،والثواب عليها والعقاب يعرف من جهة العقل،

وهو قول المعتزلة والرَّافضة.

القول الثالث:

أن حُسْن الأشياء وقُبْحها، والثواب عليها والعقاب يعرف من جهة العقل دون ترتيب ثواب أو عقاب على ذلك، وهو قول أهل السنة والجماعة من السلف ومن تبعهم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم واختاره الزركشي من الشافعية، وهو قول الماتريديَّة والكرَّاميَّة.

المسألة الثالثة: أدلة هذه الأقوال:

أولاً: أدلة نفاة الحسن والقبح العقليين:

أ – أدلتهم النقليَّة: استدلَّ الأشاعرة لنفي التحسين والتقبيح العقليين بقوله تعالى {وما كنَّا مُعذِّبِيْنَ حتى نبعث رسولاً} وقوله تعالى: {رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس حجةٌ بعد الرسل} وقوله تعالى: {وما كان ربُّك مهلك القرى حتى يبعث في أمِّها رسولاً يتلو عليهم آياتنا} ونظائرها من الآيات.

ووجه الاستدلال عندهم بالآيات المذكورة:

أنَّ الله رتَّب الجزاء على بعثة الرسل لا على الادراك بالعقل؛ فدلَّ ذلك على أنَّ العقل لا مجال له في إدراك حُسْن الأفعال وقُبْحها.

وقد أجاب المثبتون من أهل السنَّة عن هذا الاستدلال: بأنَّ هذه الآيات ونحوها لا تنفي اشتمال الأفعال على الصفات الحسنة والسيئة،والتي تقتضي المدح والذم، ولكنها تنفي العذاب والعقوبة قبل بلوغ الشرع وبعثة الرسل ونحن نسلم بهذا، وإثبات الحُسْن والقُبْح العقليين لا يستلزم التعذيب، وإنَّما الذي يستلزمه مخالفة الرسل بعد بلوغ الشرع وبعثة الرسل.

ب – أدلتهم العقليَّة، ومن أشهر مسالكهم في أدلتهم العقليَّة ما يلي:

1 – مسلك الفخر الرازي وهو:

أنَّ فعل العبد غير اختياري، وما ليس بفعل اختياري لا يكون حسناً ولا قبيحاً عقلاً بالاتفاق؛لأن القائلين بالحُسْن والقُبْح العقليين يعترفون بأنَّه إنَّما يكون كذلك إذا كان اختيارياً،وقد ثبت أنَّه اضطراري فلا يوصف بحُسْن ولا قُبْح على المذهبين، أما بيان كونه غير اختياري فلأنه إن لم يتمكن العبد من فعله وتركه فواضح، وإن كان متمكناً من فعله وتركه كان جائزاً فإمَّا أن يفتقر ترجيح الفاعليِّة على التاركيِّة إلى مرجِّح أولا، فإن لم يفتقر كان اتفاقيِّاً، والاتفاق لا يوصف بالحسن والقبح، وإن افتقر إلى مرجِّح فهو مع مرجِّحه إمَّا أن يكون لازماً وإمَّا جائزاً، فإن كان لازماً فهو اضطراري وإن كان جائزاً عاد التقسيم، فإما أن ينتهى إلى ما يكون لازماً فيكون ضرورياً أولا فينتهى إليه فيتسلسل، وهو مُحَال أن يكون اتفاقياً فلا يوصف بحُسْن ولا قُبْح.

وقد أجاب عن هذا الدليل ابن القيم من اثني عشر وجها ً أهمُّها:

الوجه الأول: أنَّ فيه التسوية بين الحركة الضروريِّة والاختياريِّة من العبد وعدم التفريق بينهما، وهذا باطل؛لأنَّه مخالف لما يقضي به الواقع والحسّ والشرع فهو بمنزلة الاستدلال على الجمع بين النقيضين، وعلى وجود المُحَال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير