[هل يرد النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم في القران]
ـ[أبو عروة]ــــــــ[25 - 05 - 07, 01:53 ص]ـ
بارك الله فيكم هل النبي صلى الله عليه وسلم ينسى كما ينسى البشر بعض آيات القران؟ وهل عليه الصلاة معصوم من الخطأ
أرجو الإيضاح بالدليل والإستناد لأقوال أهل العلم
وجزاكم الله خير
ـ[الديولي]ــــــــ[25 - 05 - 07, 02:12 م]ـ
قال البخاري:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِى رَجَاءٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَقْرَأُ فِى سُورَةٍ بِاللَّيْلِ فَقَالَ «يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا».
قال الزركشي في البحر المحيط:
مَسْأَلَةٌ [وُقُوعُ النِّسْيَانِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَأَمَّا النِّسْيَانُ: فَلَا امْتِنَاعَ فِي تَجْوِيزِ وُقُوعِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّكْلِيفِ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَكَذَلِكَ مَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ نَبِيِّهِ نِسْيَانَهُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُكْتَبَ قُرْآنًا.
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّكْلِيفِ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ.
قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَاَلَّذِي نَقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ عَقْلًا إلَّا أَنْ نَقُولَ: النَّبِيُّ لَا يَقَعُ فِي نِسْيَانٍ، وَنُقِيمُ الْمُعْجِزَةَ عَلَيْهِ، وَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُهُ عَقْلًا، فَالظَّوَاهِرُ تَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ، بَلْ يُنَبَّهُونَ عَلَى قُرْبٍ، وَهَذَا لَا يَحْصُلُ فِيهِ، وَلَا يَمْتَنِعُ التَّرَاخِي فِي التَّقْرِيرِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ لَا يَنْقَرِضُ زَمَانُهُمْ وَهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى النِّسْيَانِ، وَادَّعَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ لِلْمُسْلِمِينَ.
قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: مَا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ فَنَسِيَ، فَالْحُكْمُ كَمَا قَالَ: فَأَمَّا مَا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ نَسِيَ، فَلَا أُبَعِّدُ أَنْ يَنْسَى ثُمَّ لَا يَتَذَكَّرُ حَتَّى يَنْقَرِضَ زَمَانُهُ، وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ عَلَى النِّسْيَانِ، مِثْلُ أَنْ يَنْسَى صَلَاةً، ثُمَّ لَا يَتَذَكَّرُهَا.
ا هـ.
وَفَصَّلَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّسْخِ بَيْنَ مَا لَا يَحْفَظُهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَالنَّبِيُّ مَعْصُومٌ مِنْ النِّسْيَانِ قَبْلَ التَّبْلِيغِ وَبَعْدَهُ، فَإِنْ حَفِظَهُ جَازَ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى الْبَشَرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي: حَسِبْت أَنَّهَا رُفِعَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَمْ تُرْفَعْ، وَلَكِنْ نُسِّيتُهَا}.
وَقَالَ: ذَهَبَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَى امْتِنَاعِ النِّسْيَانِ، وَذَهَبَ الْقَاضِي إلَى جَوَازِهِ، وَأَمَّا الْإِمَامُ الرَّازِيَّ فَادَّعَى فِي بَعْضِ كُتُبِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى الِامْتِنَاعِ، وَحَكَى الْخِلَافَ فِي بَعْضِهَا.
قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ: الظَّاهِرُ أَنَّ مَا طَرِيقُهُ التَّبْلِيغُ فِيهِ مِمَّا يُقْطَعُ بِدُخُولِهِ تَحْتَ دَلَالَةِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى الصِّدْقِ، فَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْإِجْمَاعِ، وَمَا طَرِيقُهُ التَّبْلِيغُ وَالْبَيَانُ لِلشَّرَائِعِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ الرَّازِيَّ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الْقَاضِي وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُمَا، وَحَاصِلُ الْخِلَافِ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ هَلْ هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ دَلَالَةِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى التَّصْدِيقِ، أَمْ لَا؟ فَمَنْ جَعَلَهُ دَاخِلًا فِيهَا مَنَعَهُ، وَقَالَ: لَوْ جَازَ تَبَعَّضَتْ دَلَالَةُ الْمُعْجِزَةِ عَلَى التَّصْدِيقِ، وَمَنْ جَعَلَهُ غَيْرَ دَاخِلٍ فِيهَا جَوَّزَهُ لِعَدَمِ انْتِقَاصِ الدَّلَالَةِ.
¥