[هل صفة التردد تنسب إلى الله؟!!!]
ـ[إسلام بن طعيمة]ــــــــ[23 - 05 - 07, 07:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من المعلوم -إخواني الكرام- أن صفات الله عز وجل كلها صفات كمال تتنزه عن النقص و العجز, وأنه علينا أن نجري هذه الصفات على ظاهرها دونما تأويل أو تعطيل أو نفي أو تكييف أو غيرها.
ولكني قرأت حديثاً عند البخاري به زيادة استشكلت عليَّ لعدم جريانها على القاعدة الأولى من كونها صفات كمال ونصها:
"وما ترددت في شيء قط أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن, يكره الموت وأكره مساءته".
وسؤالي ينحصر في وجهين:
الأول: هل هذه الزيادة صحيحة من جهة الإسناد؟
الثاني: لو صحت فكيف يمكن أن ننسب هذه الصفة إلى الله بحسب عقيدة أهل السنة وهي صفة نقص؟!
ساعدوني يا إخواني وجزاكم الله خيراً
ـ[أبو عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[23 - 05 - 07, 07:32 م]ـ
وسئل شيخ الإسلام
عن قوله صلى الله عليه و سلم فيما يروى عن ربه عز و جل وما ترددت عن شىء أنا فاعله ترددى عن قبض نفس عبدى المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ما معنى تردد الله فأجاب
هذا حديث شريف قد رواه البخارى من حديث أبى هريرة وهو أشرف حديث روى فى صفة الأولياء وقد رد هذا الكلام طائفة وقالوا إن الله لا يوصف بالتردد وإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور والله أعلم بالعواقب وربما قال بعضهم إن الله يعامل معاملة المتردد
والتحقيق أن كلام رسوله حق وليس أحد اعلم بالله من رسوله ولا أنصح للأمة منه ولا أفصح ولا أحسن بيانا منه فإذا كان كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من اضل الناس وأجهلهم واسوئهم أدبا بل يجب تأديبه وتعزيزه ويجب أن يصان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظنون الباطلة والإعتقادات الفاسدة ولكن المتردد منا وإن كان تردده فى الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا فإن الله ليس كمثله شىء لا فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله ثم هذا باطل فإن الواحد منا يترد تارة لعدم العلم بالعواقب وتارة لما فى الفعلين من المصالح والمفاسد فيريد الفعل لما فيه من المصلحة ويكرهه لما فيه من المفسدة لا لجهله منه بالشىء الواحد الذى يحب من وجه ويكره من وجه كما قيل ... الشيب كره وكره أن أفارقه ... فأعجب لشىء على البغضاء محبوب ...
وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التى تكرهها النفس هو من هذا الباب وفى الصحيح حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره وقال تعالى كتب عليكم القتال وهو كره لكم الآية
ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور فى هذا الحديث فإنه قال لا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإن العبد الذى هذا حاله صار محبوبا للحق محبا له يتقرب إليه أولا بالفرائض وهو يحبها ثم إجتهد فى النوافل التى يحبها ويحب فاعلها فأتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد إتفاق الإرادة بحيث يحب ما يحبه محبوبه ويكره ما يكرهه محبوبه والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه
والله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت فكل ما قضى به فهو يريده ولا بد منه فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده وهى المساءة التى تحصل له بالموت فصار الموت مرادا للحق من وجه مكروها له من وجه وهذا حقيقة التردد وهو أن يكون الشىء الواحد مرادا من وجه مكروها من وجه وإن كان لا بد من ترجح أحد الجانبين كما ترجح إرادة الموت لكن مع وجود كراهة مساءة عبده وليس إرادته لموت المؤمن الذى يحبه ويكره مساءته كارادته لموت الكافر الذى يبغضه ويريد مساءته
ثم قال بعد كلام سبق ذكره ومن هذا الباب ما يقع فى الوجود من الكفر والفسوق و العصيان فإن الله تعالى يبغض ذلك ويسخطه ويكرهه وينهى عنه وهو سبحانه قد قدره وقضاه وشاءه بإرادته الكونية وإن لم يرده بإرادة دينية وهذا هو فصل الخطاب فيما تنازع فيه الناس من أنه سبحانه هل يأمر بمالا يريده فالمشهور عند متكلمة أهل الإثبات ومن وافقهم من الفقهاء أنه يأمر بما لا يريده وقالت القدرية والمعتزلة وغيرهم إنه لا يأمر إلا بما يريده
¥