تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الرحمة بالمخالف]

ـ[عبدالله الحصين]ــــــــ[18 - 05 - 07, 07:03 ص]ـ

[الرحمة بالمخالف]

عناصر المحاضرة:

1 - أسباب الحديث في الموضوع.

2 - من هو المخالف؟

3 - ما هي الرحمة؟

4 - النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق بالخلق.

4 - مظاهر الرحمة.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أولاً: أسباب الحديث في الموضوع.

1 - مع اضطراب الحياة المعاصرة، وكثرة اختلاط الحق بالباطل لا بد من بيان المنهج الحق والاستدلال له.

2 - كما أنه بسبب ضعف المسلمين، وتسلط الكفار عليهم، تظهر بعض التصرفات الفردية التي يراد بها رد كيد العدو، أو الانتقام من بعض تصرفاته فينظر إليها على أنها من الظلم والتعسف والقسوة بالمخالف.

3 - مع شدة الخلاف بين الطوائف، وإرادة كل فريق الانتصار لقوله يضعف جانب الرحمة والرأفة، والاعتذار عن الآخر، والإسلام دين الرحمة العامة، وأولى الناس أن يتصفوا بهذه الرحمة هم أهل السنة والجماعة، المتمسكون بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

4 - مما يؤسف له أن كثيرًا من الناس لا يتصور وجود الرحمة في التعامل مع مخالفيه، ولا يستطيع الجمع بين بيان الحق ورحمة الخلق.

فلهذه الأسباب أحببت أن أبين منهج أهل السنة والجماعة في رحمة المخالف، والإحسان إليه.

ثانياً: من هو المخالف؟

المخالف هو من خالفك في الملة والدين، أو في المسائل الاعتقادية مع اتفاق الملة، أو في مسائل الحلال والحرام، بحيث كان منهمكًا في الشهوات، غارقًا في اقتراف المحارم، معرضًا عن فعل الواجبات.

وهؤلاء لهم معاملة خاصة، قوام هذه المعاملة الرحمة وتقوى الله جل وعلا فيهم.

ثالثًا: ما هي الرحمة؟

الرحمة في اللغة هي الرقة والتعطف، ولهذا سميت الرحم بين الأقارب بذلك لما يحصل بينهم من التعاطف والتكاتف، ومن الرقة لبعضهم البعض.

وليس معنى الرحمة فعل ما تهوى النفس، ومطاوعة الهوى والشيطان، والإقرار بالخطأ، والسكوت على الباطل، ومجاراة أهواء الناس ورغباتهم، وإنما الرحمة بإيصال الخير لهم، وكف الشر عنهم بقدر الاستطاعة، ولهذا ذكر الله في سورة الفاتحة اسمي الرحمن الرحيم، وجعلهما في البسملة؛ ليعلم أن كل فعل له فهو مقتضى الرحمة، وإن كان ظاهره العذاب، أو تصور بعض الناس أنه عذابًا.

رابعًا: النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق بالخلق.

ذكر الله جل وعلا سبب إرسال نبيه صلى الله عليه وسلم لأهل الأرض، فقال: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، فالمؤمنون قبلوا هذه الرحمة فانتفعوا انتفاعًا عظيمًا، وفازوا فوزًا كبيرًا، وغيرهم كفروا بها، وبدلوا نعمة الله كفرًا، وأبوا رحمة الله ونعمته، فما أصابهم من الشقاء والهوان والذل والعذاب إنما هو من عند أنفسهم، وبسبب سوء صنيعهم، كما أن القرآن جعله الله هدى وشفاء لمن قبل عنه أحكامه، وعمل بمحكمه وآمن بمتشابهه، ومن لم يؤمن به فهو عليه وبال، ولا يزيده إلا ضلالا، قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا}.

ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الرحمة بالناس كلهم، فقال: ((من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل) وقال: ((من لا يَرحم لا يُرحم) وقال: ((وإنما يرحم الله عز وجل من عباده الرحماء)) ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1))، وقال: ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)) ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2)).

وجاء في وصف المؤمنين أنهم {أشداء على الكفار رحماء بينهم}، وهذا يدل على أن الرحمة على نوعين:

الأولى: رحمة عامة بالخلق كلهم، وهذه هي التي تكون للكافرين، والشدة لا تنافي وجود الرحمة؛ لأن الشدة حين تكون في موضعها الذي يناسبها مظهر من مظاهر الرحمة كما يأتي بعد قليل إن شاء الله.

الثانية: رحمة خاصة للمؤمنين.

كما قال الله جل وعلا: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون}، وقال إخبارًا عن حملة العرش ومن حوله أنهم يقولون: {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلمًا}، فرحمة الله شملت البر والفاجر، والمؤمن والكافر،، ولكن الرحمة الخاصة المقتضية لسعادة الدنيا والآخرة جعلها الله لمن اتصف بهذه الصفات المذكورة في الآية الأولى.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل الناس بمقتضى هذه الرحمة، فيعفو عمن ظلمه، ويحسن إلى من أساء إليه، ويحرص على إيصال الخير والنفع والهدى لكل أحد، وقد كان ذلك سببًا لهداية الخلق، كما في حديث العقبة، فقد أصابه شيء شديد، أشد مما أصابه يوم أحد، ومع ذلك، وقد كان قادرًا أن يعذب من خالفه وآذاه إلا أنه آثر التلطف بهم، والتأني في دعوتهم؛ لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئًا، وهذه أعلا مقامات الرحمة والشفقة؛ لأن النفس إذا أصيبت، وأحست بالذل والهوان، وأصاب البدن عذاب ونكال اشتاقت النفس للتشفي، وداخلها شعور قوي في الانتقام ممن آذاها، فإذا تمكنت من ذلك وهي في هذه الحالة لم تتردد لحظة واحدة في رد السيئة بمثلها، وهنا يضعف جانب الشفقة والرحمة؛ لأن الجرح ثائر، والمصاب حاضر، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم بكمال رحمته أستطاع أن يسيطر على مشاعره، وأن يغلب جانب الحلم والعفو والصفح؛ رغبة في نشر الخير، وإنقاذ الناس من العذاب.

[/ URL]([1]) رواه البخاري ومسلم.

[ URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref2"] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1)([2]) رواه أبو داود والترمذي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير