حفظك الله أخي الكريم
راجع الخاص - حفظك الله -
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[04 - 04 - 09, 11:17 ص]ـ
بارك الله فيكم أيها الأخوة الفضلاء ..
قال الشيخ وهبي غاوجي في تقريظه:
ذكر [يقصد الأخ العصري في كتابه]: أن صفات الله تعالى على أقسام ثلاثة:
القسم الأول: ما هو كمال محض ...
القسم الثاني: ما هو من الصفات نقص محض، فهذا يؤول قطعاً ولا يفوض، كالنسيان في قوله تعالى: [الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا فَاليَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ] {الأعراف:51}
القسم الثالث: ما يوهم بمعناه الظاهر الحقيقي النقص، لأنه بمعناه الظاهر الحقيقي دال على صفات الأجسام، وله في لغة العرب معاني أخرى لائقة بالله تعالى، لا تختص بالبشر ولا بالمخلوقات، فليست تدل على أجزاء ولا أعضاء ولا أركان ولا انفعالات لجسم ما، بل على أفعال تليق أغلبها بالله تعالى، مثال ذلك اليد، فإن لها معاني كثيرة، الحقيقي منها الجارحة، فهذا المعنى ينفى قطعاً باتفاق السلف والخلف ... الخ فالسلف يفوضون علم المراد من نصوص الصفات إلى الله، وهذا القسم هو الذي يفوض،
أقول:
هذا الكلام والتقسيم غريب جداً، وبيان ذلك من وجوه:
1 - قوله عن القسم الثاني (يؤول قطعاً ولا يفوض) نقض لأصل كتابه الذي يريد أن يثبت به أن التفويض هو مذهب السلف، فيلزمه أن يقول إن السلف فوضوا بعض الصفات وأولوا غيرها، فعندها ماذا يفعل بما أكثر من ذكره من عباراتهم المطلقة التي لم تفرق بين بعض الصفات وبعض مثل قولهم: أمروها كما جاءت .. لا تفسر .. إلخ!
2 - من المعلوم أن التأويل عند المتأخرين عدول عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لقرينة، فإذا كان للنسيان (وهو المثال الذي جاء به للقسم الثاني) معنى يليق بالله فيؤول به، فما وجه قوله إن النسيان نقص محض! وأي فرق يصبح بينه وبين ما ذكره في القسم الثالث، ثم ما دام له معنى يليق به فلا وجه لقوله لا يفوض!
3 - هذا المثال الذي اختاره للقسم الثاني من العجائب، قال ابن فارس رحمه الله في مقاييس اللغة (ج 5 / ص 421): " (نسي) النون والسين والياء أصلانِ صحيحان: يدلُّ أحدهما على إغفال الشيء، والثاني على تَرْك شيء ... وعلى ذلك يفسَّر قولُه تعالى: {نَسُوا اللهَ فنَسِيَهُمْ} [التوبة 67]، وكذلك قوله سبحانه: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} [طه 115]، أراد والله أعلمُ: فتركَ العَهد". فما دام الأمر كذلك فلا مسوغ لقول إن التفسير بالترك تأويل على المعنى الاصطلاحي.
أما قول الشيخ غاوجي:
ولقد أخطأ رجل من القرن السابع تصور التفويض فزعم أن التفويض هو اعتقاد أن نصوص الصفات لا معنى لها، وهذا التصور فاسدٌ قطعاً، أما التفويض فهو كما تقدم هو [اعتقاد أن لنصوص الصفات معاني لائقة نسكت عن تعيينها، ونكل علم ذلك إلى الله تعالى، هذا هو التفويض]
فهو يعني بالرجل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإن كان هذا الكلام من الشيخ غاوجي فقد أخطأ على ابن تيمية، وإن كان نقلاً عن الأخ العصري فإن كتابات ابن تيمية وكلامه عمدة عند من يرد عليهم في كتابه ويذمهم الشيخ غاوجي بقوله بعض الجهلة، وهو رحمه الله من أشد المنكرين لتفويض المعنى الذي يجعله الأخ العصري مذهباً للسلف، مما يلزم منه أن يكون قد أعطى كلام الرجل حقه من الاهتمام والعناية ليعرف ماذا يقول كي يجيد الرد عليه، لكننا للأسف نجده عفا الله عنه لا يعرف كلام ابن تيمية في المسألة الرئيسة التي يدور حولها كتابه ثم يبادر إلى تخطئته! وعلى كل حال فإن ظهور هذه العبارة في التقريظ وعدم تنبيه الأخ العصري عليها يعني موافقته عليها ضمناً!
لقد ذكر ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض - (ج 3 / ص 24) عن الجويني وأتباعه أن لهم في الصفات الخبرية قولان، ثم قال: (أحدهما تأويل نصوصها وهو أول قولي أبي المعالي كما ذكره في الإرشاد والثاني تفويض معانيها إلى الرب وهو آخر قولي أبي المعالي كما ذكره في الرسالة النظامية)
ومن تأمل هذا الكلام عرف مقدار الخطأ الذي وقع فيه الأخ العصري والشيخ غاوجي لا ذلك الرجل في القرن السابع!
¥