والعجبُ ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله:"ثم استوى إلى السماء"، الذي هو بمعنى العلو والارتفاع، هربًا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه -إذا تأوله بمعناه المفهم كذلك- أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها - إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر. ثم لم يَنْجُ مما هرَب منه! فيقال له: زعمت أن تأويل قوله"استوى" أقبلَ، أفكان مُدْبِرًا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أنّ ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقُلْ: علا عليها علوّ مُلْك وسُلْطان، لا علوّ انتقال وزَوال. ثم لن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله. ولولا أنا كرهنا إطالة الكتاب بما ليس من جنسه، لأنبأنا عن فساد قول كل قائل قال في ذلك قولا لقول أهل الحق فيه مخالفًا. وفيما بينا منه ما يُشرِف بذي الفهم على ما فيه له الكفاية إن شاء الله تعالى.
فهو انكر عليهم أولا عدم قبولهم المعنى المعروف عند العرب وذلك بتأويل كلام الله على غير ذلك فقال:"والعجبُ ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله:"ثم استوى إلى السماء"، الذي هو بمعنى العلو والارتفاع، "
ومعلوم أن مذهب السلف هو ان نثبت الصفة ولا نتكلم عن كيف لاننا لا نتكلم الا بما علمنا فاثبتنا العلوا ولم نتكلم كيف
ثم يقول:"هربًا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه -إذا تأوله بمعناه المفهم كذلك- أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها - إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر."
هنا يبين أن لهذا المستنكر شبهة وهي انه دخله التمثيل لذلك بانه بزعمه لو علا لكان تحتها قبل علوه وبين أن هذا التأويل مستنكر أصلا.
ثم يبين ازدواجة التفكير عندهم فهم هربوا من لفظ علا لانه بزعمهم يوجب التنقل:
" ثم لم يَنْجُ مما هرَب منه! فيقال له: زعمت أن تأويل قوله"استوى" أقبلَ، أفكان مُدْبِرًا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أنّ ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقُلْ: علا عليها علوّ مُلْك وسُلْطان، لا علوّ انتقال وزَوال"فهو فسر اقبل. الزم بأنك كما زعمت ان قبل العلو التحت فانه قبل الاقبال الادبار. وهو ما الزمه لغيره من قولهم علا أنه كان تحت. فيقول ابن جرير انه سيقول اقبل اقبال تدبير. فيقول له لماذا لم تقبل العلو بمثل ما قبلت الاقبال؟ فهو من باب الزامه باللمعنى الصحيح بالالزام
قوله:" لا علوّ انتقال وزَوال"لان التنقل هو زيادة على الصفة فليس يلزمنا قياس فعل الخالق على افعالنا.لاختلاف صفاته وصفاتنا.
ولذلك يقول القحطاني:والله في القرآن أخبر أنه يأتي بغير تنقل وتدان
" ثم لن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله. ولولا أنا كرهنا إطالة الكتاب بما ليس من جنسه، لأنبأنا عن فساد قول كل قائل قال في ذلك قولا لقول أهل الحق فيه مخالفًا. وفيما بينا منه ما يُشرِف بذي الفهم على ما فيه له الكفاية إن شاء الله تعالى"
يقول انه ان اراد ان يلزم المعنى المختار باي شيء الزم بمثله على ما يقول فلذلك قال ابن الاعرابي عندما قيل له استوى استولى لا يكون استولى حتى يكون خارج ملكه ثم يستوي عليه او بعبارة نحوها. وذلك من باب الزام الخصم فيما الزم نفسه. لبيان فساد صنيعه.
ثم يذكر ان عدم ارادته للاطالة هو ما دفعه للاختصار وما ذكره بانهم يلزموا من كل معنى بما يقابله في قولهم المخالف كان كافيا له ليعلم فساد قول وحجج أهل الباطل.
ومعلوم ان مذهب السلف ان الكيف غير معلوم لدينا لان الله قال" ولا يحيطون به علما " و"ليس كمثله شيء " فمن تكلم عن كيف او مثل انما قاس على فعل المخلوق وتوهم. لذلك قالوا لا يتوهم ولا يقال كيف.
أما كون الطبري يتكلم عن علو الذات فهو واضح من قوله:
"ومنها: العلوّ والارتفاع، كقول القائل، استوى فلان على سريره. يعني به علوَّه عليه.
وأوْلى المعاني بقول الله جل ثناؤه:"ثم استوى إلى السماء فسوَّاهن"، علا عليهن وارتفع، فدبرهنّ بقدرته، وخلقهنّ سبع سموات"
ثم يعرف من باقي التفسير أن الطبري يقول بعلو الخالق عز وجل بذاته واوردت امثلة.
ـ[أبو جرير السلفي]ــــــــ[23 - 02 - 09, 01:04 م]ـ
أخي الكريم
قول الطبري رحمه الله في تفسيره للمعية في الاية: (هو فوق العرش وعلمه معهم) لهو أظهر دليل على قوله بعلو ذلته سبحانه على العرش وإن لم ينطق بها.
وهو رحمه الله يشير للمعنى الباطل الذي قد يفهمه أهل الحلول من قوله سبحانه: (وهو معهم) من معية الله بذاته لخلقه فذكر أنه سبحانه على العرش وعلمه هو الذي معهم.
فهي عبارة وجيزة واظنها قاطعة في بيان المعنى الذي أشرت اليه.
والله الموفق
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[23 - 02 - 09, 04:29 م]ـ
نعم أخي وكذلك عن قوله عن فرعون انكاره ان يكون الخالق بعث موسى فزعم انه اله وان لا اله في السماء.
لاحظ كي يزعموا ان السلف انما كانوا يفوضو المعنى بدل الكيف ينتقوا ما يساعدهم في ايهام الناس.