فإن قال قائل ولم زعمتم أن الصانع لم يزل حيا عالما قادرا سميعا بصيرا متكلما مريدا كما أنه اليوم موصوف بذلك قيل له لأنه لو كان فيما لم يزل غير حي ولا عالم ولا قادر ولا سميع ولا بصير ولا متكلم ولا مريد لكان لم يزل ميتا عاجزا أخرس ساكتا فتعالى عن ذلك.
ولو كان لم يزل موصوفا بالموت الذي يضاد الحياة والعلم والقدرة لكان إنما يوصف بذلك لنفسه أو لعلة قديمة ولو كان لنفسه كذلك لاستحال أن يحيا ما دامت نفسه كائنة وكذلك لو كان على ما ذكرالسائل لعلة قديمة لاستحال أن يحيا اليوم لاستحالة عدم موته القديم لأن القديم لا يجوز عدمه وإذا استحال ذلك استحال أن يفعل ويوجد منه ما يدل على أنه اليوم حي قادر وفي صحة ذلك منه ووجوده دليل على أنه لم يزل حيا وكذلك لو كان لم يزل حيا وهو غير متكلم ولا سميع ولا بصير ولا مريد ولا عالم ولا قادر لوجب أن يوصف بأضداد هذه الصفات في أزله من الخرس والسكوت والصمم والعمى والاستكراه والسهو والجهل والعجز فتعالى عن ذلك أجمع.
ولو كان لم يزل موصوفا بهذه الأوصاف لنفسه أو لمعنى قديم لاستحال خروجه عنها ووصفه بضدها لاستحالة عدم القديم ولوجب أن يكون في وقتنا هذا غير حي ولا عالم ولا قادر ولا سميع ولا بصير وذلك خلاف إجماع المسلمين.
تمهيد الأوائل (49)
4 - وقال البيهقي: وكلام الله تعالى موجود فيما لم يزل موجود فيما لا يزال وبإسماعه كلامه من شاء من ملائكته ورسله وعباده متى شاء صار كلامه مسموعا له بلا كيف والمسموع كلامه الذي لم يزل موصوفا به وكلامه لا يشبه كلام المخلوقين كما لا يشبه سائر أوصافه أوصاف المخلوقين.
الاعتقاد (100)
قال ابن بطال تضمن هذا الباب صفتين لله تعالى صفة ذات وصفة فعل فالرزق فعل من أفعاله تعالى فهو من صفات فعله لأن رازقا يقتضي مرزوقا والله سبحانه وتعالى كان ولا مرزوق وكل ما لم يكن ثم كان فهو محدث والله سبحانه موصوف بأنه الرزاق ووصف نفسه بذلك قبل خلق الخلق بمعنى أنه سيرزق إذا خلق المرزوقين.
الفتح (13
373)
5 - وقال الشهرستاني: اعلم أن جماعة كبيرة من السلف كانوا يثبتون لله تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام والجلال والإكرام والجود والإنعام والعزة والعظمة ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل بل يسوقون الكلام سوقا واحدا
وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والوجه ولا يؤولون ذلك إلا أنهم يقولون: هذه الصفات قد وردت في الشرع فنسميها صفات خبرية.
الملل والنحل (1
91)
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[عبدالوهَّاب القحطاني]ــــــــ[04 - 03 - 09, 07:14 م]ـ
جزاك الله خيراً، وبارك فيك.
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[04 - 03 - 09, 10:12 م]ـ
وفيكم بارك الله
ـ[أحمد السويد]ــــــــ[05 - 03 - 09, 05:02 م]ـ
جزيت خيراً على هذا الجمع الرائع ..
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[05 - 03 - 09, 09:10 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[زيد عبد القادر اْبو اْحمد]ــــــــ[06 - 03 - 09, 04:32 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل على هذا النقل الموفَّق و أسأل الله ان يرزقك خيره و أن ينفع به المسلمين ..
فبعدما أتحفتنا اخانا الكريم -بارك الله فيك و في علمك- بجمعك لكلام السلف في الصفات الاختيارية و أنّهم يثبتونها له سبحانه وتعالى وأنّه سبحانه كان مُتّصفاً بصفات الكمال ولا يزال متصفا بها، يُقرّون بذلك و يؤمنون به كما جاء في الكتاب والسّنة، ولله الحمد والمنّة .. فإني اردت ان الفت لفتة صغيرة و أسوق إليكم إخوتي دافع ابن كلاّب والأشاعرة ومن تأثّر بمذهبهم في نفيهم لصفات الفعل أو الصفات الإختيارية ..
فكما هو معلوم أعزّكم الله أنّ أهل السنة و الجماعة يُقسّمون الصِّفات على قسمين: صفات الذَّات وصفات الفعل.
أما صفات الذّات فهي التي لا تتعلّق بالإرادة كالسمع والبصر والعلم ...
وأما صفات الفعل فهي التي تتعلّق بإرادتِه و مشيئتِه سبحانه وتعالى كالخلق والكلام والإستواء، فإن شاء الله خَلق وإن شاء لم يخلق، كذلك إن شاء الله تكلّم وإن شاء لم يتكلّم، وإن شاء سبحانه استوى على عرشه و إن شاء لم يستو على عرشه ..
فهذه صفات الفعل أو الصفات الإختياريّة والتي مرجعها مشيئتُه و إرادتُه عزّ وجلّ.
فجاء ابن كلاّب، وهو أوّل من ابتدع نفي الصفات الإختيارية، وقال:
الإرادة إذا حدثت في ذات الله فإنّما حدثت بزمن، فالإرادة حادثة، و حدوث الإرادة في ذات الله دلّ على حلول الحوادث في ذات الله ..
وبما أن الحوادث عندهم مخلوقة، فالنّتيجة طبقاً " للمنطق الأرسطي " تكون على هذا النّحو:
(الإرادة حادثة و كلّ حادث مخلوق) --> إذن فالإرادة مخلوقة
فقالوا حلول الحوادث في ذات الله كفر، و حدوث الربّ ذاته في مخلوقاته كفر، والأفعال التي لها تعلّق بالإرادة لا و جود لها ..
وهذا سببُ ودافِعُ نفيِهم الصّفاتَ الفعليّة أو الإختياريّة ..
وقد ردّ عليهم أئمّتنا من أهل السنة و الجماعة ردًّا بسيطاً سريعاً كما يلي:
قالوا كلمة "حادث" عند أهل العقل على معنيين: حادث مخلوق و حادث له أوّل .. فليس كلُّ حادثٍ مخلوقا.
و قالوا و ضربوا مثالاً أن الممدوح عند البشر هو الذي له قدرة على الكلام وله قدرة على السّكوت، وهذا غير الذي له قدرة على الكلام و ليس وله قدرة على السّكوت ..
ومن باب قياس الأولى أنّه ما كان مدحاً في حقّ المخلوق فهو مدحٌ في حقّ الخالق.
هذا والله عزّ و جلّ أعلم بالصواب
*******
¥