ثم يرفض أن ينفرد أيٌّ من هذه التعليلات، ويعطي تفسيراً آخر، يقول بأن منشأ العقيدة عند البشر يتعلق بما أسماه (الوعي الكوني) [ v] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=993798#_edn5) ، ويعرفه بأنه الحواس النفسية عند الإنسان، يقول بأن (الوعي الكوني) ملكة قابلة للترقي، ويسند إليها منشأ العقيدة، ويقول بأن ذلك (حقيقة يستلزمها العقل ويؤكده المشاهد في كل زمن وفي كل موطن وفي كل قبيل)!!
و (الوعي الكوني) غير (العقل) عند عباس العقَّاد، يُفرِّق بينهما بأن أحدهما (الوعي) أشمل من الآخر (العقل)، وأن (الوعي الكوني المركب في طبيعة الإنسان هو مصدر الإيمان بوجود الحقيقة الكبرى التي تحيط بكل موجود) ويعني بالحقيقة الكبرى التي تحيط بكل موجود يعني بها الله جل جلاله، ويقول: (ونحن إذا رجعنا إلى تاريخ الإيمان في بني الإنسان وجدنا أن اعتماده على (الوعي) الكوني أعظم جدا من اعتماده على القضايا المنطقية والبراهين العقلية، وأنه أقوى جداً من كل يقين يتأتى من جانب التحليل والتقسيم) ويقول: (البراهين جميعاً لا تغني عن الوعي الكوني في مقاربة الإيمان بالله والشعور بالعقيدة الدينية).ويقول: (وجعل الهدى من الله ولكنه من طريق العقل والإلهام بالصواب)
هذا هو مصدر الإيمان عند العقاد .. (الوعي الكوني).
و (الوعي الكوني) الذي يتكلم عنه العقاد هو (العبقرية) في استعمال العقاد، فحالَ حديثه عن الصوفية في كتاب (الله) أعطي وصف العبقرية الدينية للمتصوفة، فالصوفية عنده هي العبقرية الدينية، وما ذاك إلا لأن هؤلاء المتصوفة نمى عندهم (الوعي الكوني) فانكشف لهم ما وراء الحجب فعلموا الحقيقة المطلقة. ويضرب الأمثال بالحلاج وبن عربي والعدوية [ vi] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=993798#_edn6)!!
فالعقاد يرى الأنبياءَ بشراً قد اكتملت فيهم هذه الملكة (الوعي الكوني) أو (العبقرية)، وبهذا عرفوا عن الله وبلغوا الخلق.!!
والعقَّادُ يرى الدين الإسلامي أفضل الأديان لأنه جاء متأخراً بعد أن نمى (الوعي الكوني) عند الإنسان وبعد أن نمت المجتمعات!!
فالبشرية عند العقاد كانت على الشرك ثم عرفت التوحيد، ولا تحسب أنه التوحيد الذي نعرفه بل توحيداً آخر لن تجده إلا عند العقاد، ودعني أعرضه عليك ثم نناقش (الوعي الكوني) أو (العبقريات) التي قدمها لنا عباس العقاد وفرح الناس بها.
التوحيد عند العقاد
يعرف عباس العقاد التوحيدَ فيقول (التوحيد توحيدان: توحيد الإيمان بإله واحد خلق الأحياء وخلق معهم أرباباً آخرين. وتوحيد الإيمان بإله واحد لا إله غيره.ولم تعرف أمة قديمة ترقت إلى الإيمان بالوحدانية على هذا المعنى غير الأمة المصرية، فعبادة [أتون] قبل ثلاثة وثلاثين قرناً غاية التنزيه في عقيدة التوحيد) [ vii] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=993798#_edn7)
وذكر في بداية كتابه (الله جل جلاله) أن من أطوار العقيدة الإلهية طور الوحدانية ويعرفه بأنه إله أكبر لكل (الآلهة).!!
يرى العقاد أن من التوحيد أن يكون الإله ومعه بعض الأرباب!!
ويرى أن الذين كانوا يعبدون آتون (إله) الشمس هم أرقى أمه في التوحيد!!
وعنده أن أهل فارس عرفوا التوحيد بعد اختلاطهم بالمسلمين، ويذكر أن هذا التوحيد هو الاجتماع
على إله واحد هو إله الخير (يزدان) ولا يشركون معه (أهرمن) كما فعل أسلافهم الأقدمون.!!
هذا هو التوحيد الذي تعلموه من المسلمين كما يقول عباس العقاد [ viii] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=993798#_edn8). وهو كاذب!!
ومثل هذا يقوله على الفراعنة، وعلى مشركي يهود فيما بعد السبي.
وفي مكان آخر يتكلم عباس العقاد عن طورين .. أو كما يقول هو عَدْوَتَين، عَدْوَةٌ كان فيها الإنسان همجياً مشركاً لا يعرف التوحيد، وعدوة عرف فيها التوحيد، ويقول بأن عقيدة بني إسرائيل كانت مرحلة فاصلة بين هذين الطورين أو هاتين العدوتين [ ix] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=993798#_edn9) .!!
¥