تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم ساق هذا الحديث بطرق متعددة، ثم قال: هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها، ولا يقال فيها: كيف؟ ولم؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق، وترك النظر، كما قال من تقدم من أئمة المسلمين ([15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn15))

وأيضا قال بهذا القول ابن قتيبة، أبو يعلى الفراء، وأبو إسماعيل الهروي، فقد عقد بابا بعنوان:" إثبات الصورة لله عز وجل" في كتاب " الأربعين في دلائل التوحيد".

وكذا قوام السنة إسماعيل التيمي الأصبهاني، والشيخ عبد الله أبو بطين، وعبد العزيز بن باز، والشيخ محمد صالح العثيمين، عليهم رحمة الله. ([16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn16)).

واستدل أهل السنة – أصحاب هذا القول- بما يلي:

أولا: ظاهر النصوص السابقة والتي فيها قوله (صلى الله عليه وسلم): " خلق الله آدم عى صورته"، والأصل حمل اللفظ على ظاهره، وذلك بإرجاع الضمير إلى الله تعالى. ([17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn17))

قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث – في سرد لأقوال الأئمة في تأويل هذا الحديث – ومنها (أن المراد أن الله خلق آدم على صورة الوجه , قال: وهذا لا فائدة فيه , والناس يعلمون أن الله تبارك وتعالى خلق آدم على خلق ولده , وجهه على وجوههم , وزاد قوم في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام مر برجل يضرب وجه رجل آخر , فقال (لا تضربه , فإن الله تعالى خلق آدم عليه الصلاة والسلام على صورته) أي صورة المضروب , وفي هذا القول من الخلل ما في الأول) ([18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn18)) .

وقال الإمام أحمد عند هذا الحديث:" وإذا ثبتت صحته فغير ممتنع الأخذ بظاهره، من غير تفسير ولا تأويل" ([19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn19)).

قال القاضي أبويعلىتعقيبا على هذا الكلام: فقد صرح في القول: بالأخذ بظاهره، والكلام فيه في فصلين:

أحدهما: جواز إطلاق تسمية الصورة عليه سبحانه ....

الثاني: إطلاق القول بأن الله خلق آدم على صورته، وأن الهاء راجعة إلى الرحمن ([20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn20))

وقال الذهبي رحمه الله في السير في ترجمة محمد بن إسحاق بن خزيمة – وهو ممن لجأ إلى التأويل في حديث الصورة -: (وكتابه في التوحيد مجلد كبير , وقد تأول في ذلك حديث الصورة , فليعذر من تأول بعض الصفات , وأما السلف فما خاضوا في التأويل، بل آمنوا وكفوا , وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله , ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده – مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق – أهدرناه , وبدعناه , لقل من يسلم من الأئمة معنا , رحم الله الجميع بمنه وكرمه) ([21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn21)) .

وقال الطبراني في كتاب السنة: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي: إن رجلاً قال: خلق الله آدم على صورته , أي صورة الرجل , فقال: كذب , هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا) ([22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn22)) .

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ثلاثة عشر وجهاً لإبطال القول بعود الضمير على غير الله، وتسعة أوجه لإبطال القول بعود الضمير على آدم. نذكر من مجموعهما مايلي:

منها: أنه في مثل هذا لا يصلح إفراد الضمير , فإن الله خلق آدم على صورة بنيه كلهم فتخصيص واحد لم يتقدم له ذكر بأن الله خلق آدم على صورته في غاية البعد , لا سيما وقوله (وإذا قاتل أحدكم .. وإذا ضرب أحدكم) عام في كل مضروب , والله خلق آدم على صورهم جميعهم , فلا معنى لإفراد الضمير , وكذلك قوله (لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك) عام في كل مخاطب , والله قد خلقهم كلهم على صورة آدم.

ومنها: أن ذرية آدم خلقوا على صورة آدم , لم يخلق آدم على صورهم , فإن مثل هذا الخطاب إنما يقال فيه: خلق الثاني المتأخر في الوجود على صورة الأول المتقدم وجوده , لا يقال: إنه خلق الأول على صورة الثاني المتأخر في الوجود , كما يقال: خلق الخلق على غير مثال أو نسيج هذا على منوال هذا.

ومنها: أنه إذا أريد مجرد المشابهة لآدم وذريته لم يحتج إلى لفظ خلق على كذا , فإذ هذه العبارة إنما تستعمل فيما فطر على مثال غيره , بل يقال إن وجهه يشبه وجه آدم , أو فإن صورته تشبه صورة آدم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير