- قال أبو سعيد عثمان الدارمي (ت. 280 هـ): «فهذه الأحاديث قد جاءت كلها وأكثر منها في نزول الرب تبارك وتعالى في هذه المواطن، وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا، لا ينكرها منهم أحد ولا يمتنع من روايتها، حتى ظهرت هذه العصابة (الجهمية) فعارضت آثار رسول الله برد، وتشمروا لدفعها بجد فقالوا: "كيف نزوله هذا؟ " قلنا: لم نُكلف معرفة كيفية نزوله في ديننا ولا تعقله قلوبنا، وليس كمثله شيء من خلقه فنشبه منه فعلا أو صفة بفعالهم وصفتهم.» (13)
- قال أبو بكر الإسماعيلي (ت. 371 هـ) في اعتقاد أصحاب الحديث – أهل السنة والجماعة: "وأنه عز وجل استوى على العرش بلا كيف، فإن الله تعالى أنهى إلى أنه استوى على العرش، ولم يذكُر كيف كان استواؤه." (14)
وغيرها مما تم نقله في مقال: "معنى قول السلف (بلا كيف) ( http://as-salaf.com/article.php?aid=75%E3%80%88=ar)"
وقد أجاب الإمام أبو جعفر الترمذي الشافعي (15) (ت. 295 هـ) بجواب مُشابه لما أجاب به الإمام مالك، عندما سُئل عن صفة النزول:
قال أحمد بن عثمان: حضرتُ عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث النبي صلى الله عليه و سلم ”إن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا“ فالنزول كيف يكون؟ يبقى فوقه علو؟
فقال أبو جعفر الترمذي: «النزول معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.» (16) السند رواته ثقات.
2. قول الإمام مالك رحمه الله: «الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال: كيفَ؟، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال: فأُخرج» (17)
وهذا الجواب مشابه لعدد من آثار السلف الصالح، بأنه لا يُقال: «كيفَ؟» لصفات الله عز وجل، وذلك لأن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يُخبرانا عن كيفية صفاته، فلا يجوز السؤال عن شيء لم يصلنا علمه وليس هناك سبيل لمعرفته إلا عن الله عز وجل ورسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال الإمام مالك: «وكيفَ عنه مرفوع» أي أنه لا يُسال «كيفَ؟» في صفات الله لأنه لا سبيل لمعرفته والوحي قد انقطع.
والقول بأن معناها أنه ليس لصفات الله كيف خطأ، لأنه قال "وكيفَ" عنه مرفوع، ولم يقل و «الكيفُ» (بلام التعريف) عنه مرفوع.
للسؤال أو التعليق على المقال ( http://www.as-salaf.org/vb/showthread.php?t=9)
مواضيع ذات صلة
- عقيدة السلف في الصفات: قولهم «بلا كيف» ( http://as-salaf.com/article.php?aid=75%E3%80%88=ar)
- عقيدة السلف في الصفات: قولهم «أمروها كما جاءت» ( http://as-salaf.com/article.php?aid=68%E3%80%88=ar)
(1) كتاب العين للفراهيدي (ج1 ص159)
(2) المحكم والمُحيط الأعظم (ج1 ص205)
(3) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (ج4 ص287)
(4) عارضة الأحوذي شرح الترمذي لابن العربي (ج3 ص166)
(5) الحجة في بيان المحجة (ج2 ص257)
(6) ذم التأويل لابن قدامة
(7) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ج9 ص239)
(8) تذكرة الحفاظ للذهبي (ج1 ص155)
(9) العلو للعلي الغفار للذهبي (ص139)
(10) الاعتصام للشاطبي (ج1 ص226)
(11) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (ج3 ص530 و531) رواها من طريق ابن أبي حاتم في "الرد على الجهمية" عن أبيه أبي حاتم الرازي عن عبد الرحمن بن عمر رسته عن ابن مهدي. ورواه أبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء" (ج9 ص8) بسند آخر إلى عبد الرحمن بن عمر رسته. ونقله الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج9 ص196) و تاريخ الإسلام (ج13 ص284).
(12) سير أعلام النبلاء للذهبي (ج7 ص311 و312) بسنده، ورواها أيضا في كتابه "العلو للعلي الغفار" (ص141) وصححه؛ ورواها ابن بطة بسنده في "الإبانة الكبرى" له.
(13) الرد على الجهمية للدارمي (ص79)
(14) اعتقاد أهل السنة لأبي بكر الإسماعيلي (ص36)
(15) قال الخطيب البغدادي عنه: وكان ثقة من أهل العلم والفضل والزهد في الدنيا ... ولم يك للشافعيين بالعراق أريس منه ولا أشد ورعا وكان من أهل التقلل في المطعم على حال عظيمة فقرا وورعا وصبرا على الفقر. [تاريخ بغداد للخطيب (ج2 ص233)]، وقال الدارقطني عنه: ثقة مأمون ناسك [سؤالات الحاكم للدارقطني ص149]
(16) تاريخ مدينة السلام (بغداد) للخطيب البغدادي (ج2 ص234) بسنده، والسند رواته ثقات.
(17) الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص305)
ـ[أبو عبدالله بن جفيل العنزي]ــــــــ[17 - 06 - 10, 02:02 ص]ـ
جزاك الله خيرا ...
وأحسن إليك .....
وغفر لك ولوالديك ......
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في تفسير سورة البقرة الآية (266) (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ):" الإنسان مأمور بالتفكر في الآيات الكونية، والشرعية؛ لأن التفكر يؤدي إلى نتائج طيبة؛ لكن هذا فيما يمكن الوصول إليه بالتفكر فيه؛ أما ما لا يمكن الوصول إليه بالتفكر فيه فإن التفكر فيه ضياع وقت، وربما يوصل إلى محظور، مثل التفكر في كيفية صفات الله عز وجل: هذا لا يجوز؛ لأنك لن تصل إلى نتيجة؛ ولهذا جاء في الأثر: «تفكروا في آيات الله ولا تفكروا في ذات الله»؛ لأن هذا أمر لا يمكن الوصول إليه؛ وغاية لا تمكن الإحاطة بها، كما قال تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)؛ فلا يجوز لأحد أن يتفكر في كيفية استواء الله عز وجل على العرش؛ بل يجب الكف عنه؛ لأنه سيؤدي إلى نتيجة سيئة؛ إما إلى التكييف، أو التمثيل، أو التعطيل - ولا بد".
فسبب المنع من التكييف أنه غير معقول؛ أي: لا يمكن عقولنا دَرَكُهُ، ولن تصل إلى نتيجة إلا التكييف أو التمثيل أو التعطيل، وكلها محذورة محظورة.
¥