تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي وطفرة النظام (1)

هذه ثلاثة أشياء لا حقيقة لها اخترعها أصحابها دون حقيقة.

إذا تبين لك ذلك فلفظ الكسب له عدة استعمالات، أو الكسب عند الناس له ثلاث استعمالات، أو الناس في الكسب لهم ثلاثة أقوال -يعني بما تراه-:

1 - الأول: الكَسْبْ عند الأشاعرة هذا أوضحناه لك.

2 - الثاني: كَسْبٌ بمعنى العَمَل، ما يعمله الإنسان باختياره ورغبته يكون كَسْبَاً له لأنه حَصَّلَهُ.

مثل ما تقول: كسبتُ مثلا كذا من المال لأنَّه .... عمل شيئا فَحَصَّلْ هذا المال.

كذلك الأعمال الصّالحة كَسْبٌ له؛ لأنه بذل فيها وعمل فكسب.

وكذلك الأعمال السيئة عليه لأنه كسبها بجهده.

وهذا هو المعنى الذي جاء في الكتاب والسنة، فمن استعمل الكسب في هذا المعنى فهو صحيح؛ لأنه قد جاء في القرآن والسنة مثل {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286]، ولفظ الكسب في القرآن كثير.

فإذاً هذا المعنى واضح وصحيح.

ترجعون في تقسيم الكسب إلى الأقوال الثلاثة والحُجَجْ فيه؛ لأنه مهم إلى كتاب ابن القيم شفاء العليل.

طولنا عليكم نرجئ بقية المباحث إن شاء الله إلى الأسبوع القادم. نكتفي بهذا القدر لأجل عدم الإطالة وإن شاء الله نلتقي بكم على خير حال.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.


(1) قال شيخ الإسلام في رسالة له ضمن مجموع الفتاوي -أقوم ما قيل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل-ولهذا صار الناس يسخرون بمن قال هذا ويقولون: ثلاثة أشياء لا حقيقة لها طفرة النظام وأحوال أبي هاشم وكسب الأشعري.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ذكرنا بعض المسائل التي تتعلق بمذهب أهل السنة والجماعة في باب القدر، وآخر ما تكلمنا عليه تفسير الكَسْبْ عند الناس ونجعلها مسألة مستقلة أحسن فنقول:
[المسألة السادسة]:
لفظ الكَسْبْ جاء في القرآن في ذِكْرِ ما للمكلف وما عليه، فقال سبحانه {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (1) وقال - عز وجل - {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة:225] ونحو ذلك من الآيات.
ولمَّا جاء لفظ الكسب في القرآن وفي السنة أيضاً جاء مذهب أهل السنة والجماعة بإثبات كَسْبْ المرء وتفسير الكَسْبْ بما دلت عليه النصوص وهو أنَّ كَسْبَ المرء هو عمله.
فالكسب هو العمل والفعل، فقوله سبحانه {لَهَا مَا كَسَبَتْ} يعني لها ما عملت، فالعمل هو الكَسْبْ، ودلّ على ذلك أنه - عز وجل - قال {وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} [النحل:111]، وفي الآية الأخرى {مَا كَسَبَتْ} فدلّ على أنَّ الكَسْبْ هو العمل.
والناس أعني المذاهب الثلاثة المشهورة في باب القَدَرْ وهي مذهب الجبرية والقدرية وطريقة أهل السنة والحديث كلٌّ فسر الكَسْبْ على حسب معتقده:
1 - مذهب القَدَرِيَّةْ:
فسَّرَ القدرية -وهم نُفاة القدر الذين يقولون: إنَّ العبد يخلق فعل نفسه وأنَّ الله - عز وجل - لا يخلق فعل العبد من المعتزلة ومن شابههم- قالوا: إنَّ معنى الكَسْبْ في هذه الآيات هو إيجاد العبد للفعل، وشَبَّهُوهُ بكسب التجارة فإنَّ كسب التجارة فعل، كما قال - عز وجل - {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة:267] فما كَسَبَ الإنسان من التجارة أنفقوا من طيبات ما كسبتم، {يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة:267]، فَذَكَرْ الكسب في معرض التجارة فقالوا كذلك هو في فعله يكسب العمل الصالح كما يجتهد في كَسْبْ التجارة.
فإذاً جعلوا الكَسْبْ هو إيجاد العبد الفعل على مذهبهم في خلق أفعال العباد.
وذلك أنَّ لفظ الكَسْبْ فيه شيء من الاحتمال، ولهذا فسرته كل طائفة على مذهبها.
2 - مذهب الجبرية:
والجبرية -كما ذكرنا لكم طرفاً من مذهبهم في قول الأشاعرة والجهمية- الجبرية فَسَّرُوا الكَسْبْ بأشياء كثيرة وبعبارات متنوعة لا حاصل معها على التحقيق، وذكرت لكم قول الشاعر أو قول أحد العلماء:
مما يقال ولا حقيقة تحته معقولة تدنو لذي الأفهام
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير