تأويلهم صفة الرضا والرحمة بالارادة وصفة الضحك بالرضا!!
صفة الرضا ثابتة في الكتاب والسنة وأهل السنة يثبتونها لله تعالى بلا تأويل أو تعطيل، ولكنها عند الأشاعرة مؤولة بالإرادة كما حكاه البيهقي عن شيخه الأشعري في الأسماء والصفات (1/ 479) فقال:
الرضا عند أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه يرجع إلى الإرادة، وهو إرادة إكرام المؤمنين، وكذلك الرحمة ترجع إلى الإرادة وهي إرادة الإنعام والإكرام. اهـ
والعجيب في تناقضهم: أن التشابه عندهم سبب للتأويل لأن الصريح لا يؤول، فكيف يُحكمون المتشابه بمتشابه، وكيف يؤولون صفة بصفة مؤولة أصلاً؟
ولذلك تناقض بعضهم تناقضا بينا فيما بينهم ..
فالسبكي يخالف جمهور الأشاعرة في أن الرضا غير الإرادة
نقل السبكي الابن في ترجمة والده السبكي الكبير في طبقات الشافعية الكبرى (10/ 150) أنه قال: إن الرضا غير الإرادة ذكره في التفسير في سورة الزمر. اهـ
وخالف جمهور الأشاعرة الزاعمين بأن كل ما يريده الله فهو يحبه، وأنه يريد الكفر ويحبه ويرضاه، وأن الإرادة والرضى والمحبة بمعنى واحد.
وعزا السبكي القول باتحاد الإرادة والمحبة إلى جمهور الأشاعرة غير أنه اختار لنفسه خلاف ما اختاره عامة الأشاعرة فقرر أن الرضا غير الإرادة.
ملا علي القاري يرد على تأويل الرضا والغضب
ونقل ملا على القاري في شرح الفقه الأكبر لأبي حنيفة (69 - 70) قول الإمام الطحاوي: ولا يقال إن الرضا إرادة الإكرام والغضب إرادة الانتقام فإن هذا نفيٌ للصفة.
ثم رد على من تأوَّل هذه الصفات - وهو وإن كان ماتريدي إلا أن المذهب سواء عند الأشعرية - فقال نقلا عن شارح الطحاوية:
ويقال لمن تأول الغضب والرضا بإرادة الإحسان: لم تأولت ذلك؟ فلا بد أن يقول: لأن الغضب غليان دم القلب، والرضا الميل والشهوة، وذلك لا يليق بالله تعالى! فيقال له: غليان دم القلب في الآدمي أمر ينشأ عن صفة الغضب، [لا أنه الغضب]
ويقال له أيضا: وكذلك الإرادة والمشيئة فينا، هي ميل الحي إلى الشيء أو إلى ما يلائمه ويناسبه، فإن الحي منا لا يريد إلا ما يجلب له منفعة أو يدفع عنه مضرة، وهو محتاج إلى ما يريده ومفتقر إليه، ويزداد بوجوده، وينقص بعدمه.
فالمعنى الذي صرفت إليه اللفظ كالمعنى الذي صرفته عنه سواء، فإن جاز هذا جاز ذاك، وإن امتنع هذا امتنع ذاك.
فإن قالوا: [الإرادة] التي يوصف الله بها مخالفة للإرادة التي يوصف بها العبد، وإن كان كل منهما حقيقة؟
قيل له: فقل إن الغضب والرضا الذي يوصف الله به مخالف لما يوصف به العبد، وإن كان كل منهما حقيقة. فإذا كان ما يقوله في الإرادة يمكن أن يقال في هذه الصفات، لم يتعين التأويل، بل يجب تركه؛ لأنك تسلم من التناقض، وتسلم أيضا من تعطيل معنى أسماء الله تعالى وصفاته بلا موجب. فإن صرف القرآن عن ظاهره وحقيقته بغير موجب حرام، ولا يكون الموجب للصرف ما دل عليه عقله، إذ العقول مختلفة، فكل يقول إن عقله دل على خلاف ما يقوله الآخر!
وهذا الكلام يقال لكل من نفى صفة من صفات الله تعالى، لامتناع مسمى ذلك في المخلوق، فإنه لا بد أن يثبت شيئا لله تعالى على خلاف ما يعهده. اهـ
وراجع شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (1/ 305)
ابن بطال وابن التين وإثبات اليدين لله تعالى
قال ابن حجر في فتح الباري (16/ 166) باب قول الله تعالى لما خلقت بيدي:
قال ابن بطال: في هذه الآية اثبات يدين لله وهما صفتان من صفات ذاته وليستا بجارحتين خلافا للمشبهة من المثبتة وللجهمية من المعطلة ويكفي في الرد على من زعم أنهما بمعنى القدرة انهم أجمعوا على ان له قدرة واحدة في قول المثبتة ولا قدرة له في قول النفاة لأنهم يقولون أنه قادر لذاته ويدل على أن اليدين ليستا بمعنى القدرة أن في قوله تعالى لإبليس " ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي " إشارة إلى المعنى الذي أوجب السجود فلو كانت اليد بمعنى القدرة لم يكن بين آدم وابليس فرق لتشاركهما فيما خلق كل منهما به وهي قدرته ولقال إبليس وأي فضيلة له علي وأنا خلقتني بقدرتك كما خلقته بقدرتك؟ فلما قال خلقتني من نار وخلقته من طين دل على اختصاص آدم بأن الله خلقه بيديه، قال: ولا جائز أن يراد باليدين النعمتان لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق لأن النعم مخلوقة ولا يلزم
¥