تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوجه الثالث: أن إثبات معان متعددة في الموجود الواجب وغيره أمر ضروري, لا بد منه, والفلاسفة مع فرط مبالغتهم في السلب, يقولون: إنه موجود واجب, وأنه معقول, وعاقل, وعقل, ولذيذ, وملتذ به, وعاشق, ومعشوق, وعشق, إلى أنواع أخر.

وأما أهل الملل فمتفقون على أنه حي, عليم, قدير, ومن المعلوم أن من جعل كونه حيا هو كونه عالما, وكونه عالما هو كونه قادرا , فهو من أعظم الناس جهلا, وكذبا, وسفسطة, وكذلك من جعل الحياة هي الحي, والعلم هو العالم, والقدرة هي القادر, فيبين العقل الصريح أن كل صفة ليست هي الأخرى, ولا هي نفس الموصوف, وكذلك من جعل العشق هو العاشق, واللذيذ هو اللذة, ونفس العقل الذي هو مصدر عقل يعقل عقلا هو العقل الذي هو العاقل القائم بنفسه, فمن جعل هذا هذا, كان في المكابرة والجهل والسفسطة من جنس الأول, فمن جعل المعاني هي الذات القائمة بنفسها, أو كل معنى هو المعنى الآخر, كان من أعظم الناس جهلا وكذبا وسفسطة, وكان أجهل من النصارى الذين يقولون أحد بالذات, ثلاثة بالأقنوم, ويقولون: مع ذلك أن أقنوم الكلمة هو المتحد بالمسيح دون غيره, وأنه إله حق من إله حق. ()

الوجه الرابع: أن أهل الكلام متناقضون فيما بينهم, فتجد المعتزلة ينفون الصفات على زعم أنه يلزم منها التركيب, فيأتي الأشاعرة ويثبتون شيئا من الصفات, ويردون على المعتزلة زعمهم أن إثبات الصفات يلزم منه التركيب.

ثم يتناقض الأشاعرة فيزعمون أن غير ما أثبتوه من الصفات يلزم من إثباته التركيب.

فكل ما يثبته بعضهم يأتي الآخر ويحتج عليه أن ما أثبته يلزم منه التركيب.

الوجه الخامس: أن من أثبت هذه الصفات التي هي فينا أعراض كالحياة, والعلم, والقدرة, ولم يثبت ما هو فينا أبعاض كاليد, والقدم: وقال هذه أجزاء وأبعاض تستلزم التركيب.

قيل له: وتلك أعراض تستلزم التركيب العقلي, كما استلزمت هذه عندك التركيب الحسي, فإن أثبت تلك على وجه لا تكون أعراضا, أو تسميتها أعراضا لا يمنع ثبوتها, قيل له: وأثبت هذه على وجه لا تكون تركيبا, وأبعاضا, أو تسميتها تركيبا وأبعاضا لا يمنع ثبوتها. ()

الوجه السادس: أن نفيهم الصفات زعما منهم أن ذلك يستلزم التركيب, مبني على أنهم يثبتون ذاتا في الخارج لا صفات لها.

وهذا من المعلوم ببداهة العقول امتناعه, فلا توجد ذات في الخارج إلا وهي متصفة بالصفات, وهذا يرجع إلى أصلهم بالنقض.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

هذا بحث تقدمت به في مرحلة الدكتوراه (المنهجية)

ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[09 - 07 - 10, 01:21 ص]ـ

جزاك الله خيرا مشاركة طيبة نرجو المزيد من المقالات في هذا الباب.

أحب تلخيص بعد المفاهيم في المقال وبصيغة اخرى.

من أفضل التعابير التي تقرب التصور للمبتدئين هو القول بأن: الذات محل للاعراض!

هل العرض هو عين الذات؟ لا. شيئان اثنان.

فإذا كانت الاعراض ليست هي عين الذات لزم من هذا التغاير أي التعدد وبالتالي الافتقار بمنزلة الاجزاء. الذات تفتقر الى الصفات.

والصفات بدورها ليست واحدة بل متغايرة أشد التغاير.

فالعلم مثلا ليس هو القدرة , ولا العلم مثل القدرة فهما صفتان متغايرتان وإن كانتا معنويتان أو عقليتان عندنا.

ومما يوضح التغاير إن استعملنا مصطلح الذات محلا للصفات (او الاعراض):

أنه إذا خلا من العلم إفتقر إليه وبقيت القدرة , إذن هذان شيئان مختلفان في مقام التركيب

وبالمثل إذا خلا من القدرة إفتقر إليها وبقى العلم , إذن هذان شيئان مختلفان في مقام التركيب.

وهكذا في بقية الصفات لزم التعدد.

وبالتالي لا فرق من ناحية المبدأ بين التركيب العقلي و الحسي لان المهم هو المبدأ وهو اثبات التعدد. وبالتالي نقض القاعدة ولو بمثال واحد.

هذا والله اعلم

ـ[أبو حاتم المدني]ــــــــ[11 - 07 - 10, 12:57 م]ـ

بارك الله فيك على مرورك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير