تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[15 - 07 - 10, 09:38 ص]ـ

المكرم الفاضل أنس:

ماذكرته عن ابن عباس وأبي حنيفة حق لا مرية فيه، ولكنه ليس نصا.

معنى قولي لم ينص عليه النبي ولا الصحابة ولا نزاع أنه لا يستطيع احد أن ينسب إليهم أنهم قالوا ينقسم التوحيد إلى قسمين أو ثلاثة هي كذا وكذا، على طريقة المتأخرين من أهل العلم في التقرير، لأن هذا لم يوجد في الواقع!

أما طريقة بعض طلبة العلم أنهم يعمدون لأي كلمة ربوبية، أو ألوهية، أو ألوهة، إلخ، فإذا وقفوا عليها قالوا هذا ذكرهم للتقسيم، فهذا لا يصح ولا يسلم لهم. ولكن الصحيح ما ذكرت في مداخلتي الأولى هاهنا أن معنى هذه الأقسام لا ريب أنه منصوص عليه وموجود في كلام الشارع ثم كلام الصحابة والتابعين، و المجادل في هذا ضال زائغ بلا ريب، وإلا فلا معنى لأحقيته في نفسه إن لم يكن موجودا في كلام السلف، بل اخترع اختراعا.

وكما ذكرت لك أنني لا أخالف في أن التقسيم شرعي، ولكن هذا لا ينافي كونه اصطلاحيا، فهو شرعي من حيث المورد، اصطلاحي من حيث التقسيم، وإلا فأهل العلم منهم من يقسمه قسمين، ومنهم من يقسمه ثلاثة ومنهم من يقسمه أربعة، ومنهم من يقول الثلاثة ترجع إلى الاثنين إلى آخر ماهو معروف.

كما تجد تقسيمهم للصفات، فمنهم من يقول ذاتية وفعلية، ومنهم من يقول ذاتية وفعلية وذاتية فعلية، ومنهم من يقول خبرية و عقلية، ومنهم من يقول معنوية وذاتية،ومنهم من يقول ثبوتية وسلبية، وتجد بعض الأقسام يرجع إلى بعض، وبعضها أعم بعض باعتبارات شتى، وهي كذلك قسمة شرعية ملاحظة من الاستقراء الصحيح لنصوص الصفات.

وكلام الأخ الفاضل الجنوبي موافق لما ذكرناه في الجملة، وكما قلت سلفا لا ريب أن أدلة الأقسام مبثوثة في الكتاب والسنة، ونطق بها السلف، لكن المبحث ليس في دليل الأقسام كما تفضلت، بل في أدلة التقسيم نفسه أهي النص أم النظر؟ لأنه لو قيل الدليل هو النص لم يسع أحدا مخالفة التقسيم ولو في العبارة، كما لا يسع أحدا أن يسمي الصلاة بغير اسمها، أما لو كان النظر ومنه الاستقراء فإن الأمر يتسع عن ذلك، رغم كون الدليل في الحالين (النص أو النظر) حجة كما ذكرنا لتطابق الدليل على المستدل عليه.

لهذا عندما نتأمل فيما تفضلت بسرده من أدلة نجد الأقسام ملاحظة فيها، لكن لا نجد التقسيم منصوصا عليه فيها، وهذا هو الفرق المتقدم ذكره.

فهو اصطلاحي من حيث إنه استقرائي، وهو شرعي من حيث إن استقراءه من نصوص الشرع

وكلام الأخ أحمد الغريب صحيح موافق لما ذكرته وفيه نكتة، وهي المشاحة في الاصطلاح، فبارك الله فيه.

و هذا من واهيات الأدلة التي يستدل بها من ينقض تقسيم التوحيد، يقول إن كان اصطلاحيا فلا مشاحة في الاصطلاح، وهذا جهل!

والجهالة فيه من وجهين:

الأول: أن قائل هذا لا يفهم من الاصطلاحي إلا اختلاف العبارة!، وهذا غلط، يخالف فيه عمل الأئمة، وتقرير أهل العلم، حتى من أصحابهم المتكلمين والمناطقة من المتأخرين، وعلى ذلك فالتشاحح يقع في اصطلاح ولا يقع في اصطلاح آخر، وذلك بحسب مورد الاصطلاح، فما كان من اصطلاح وضعي بحت مورده مجرد النظر فهذا يختلف فيه باختلاف العقول والفهوم ولا مشاحة فيه من حيث كونه اصطلاحا إلا لسبب خارجي كفساد الاصطلاح أو دوره أو تداخله وما إلى ذلك، أما إن كان دليل الاصطلاح قطعيا (ولا فرق هنا بين أن يكون ذلك القطع عقليا أو شرعيا) فلا يمكن أن يقال لا مشاحة في الخلاف فيه إلا لو كان الخلاف في مجرد العبارة لا المعنى، فيكون البحث صناعيا.

الثاني: أنه لا يسلم أصلا أنه لا مشاحة في الاصطلاح بهذا الإطلاق، ومن يطلق هذه العبارة من أهل العلم لا يفهم منها الإطلاق الذي يفهمه بعض الأغمار،لأنه إذا تعلق بالاصطلاح قدر زائد على مجرد العبارة فإن التشاحح يقع فيه لا محالة، مثال ذلك إذا تعلق على الاصطلاح إثبات حكم أو نفيه، لا يثبته المخالف أو ينفيه، فلا ريب في وقوع التشاحح، ومن قال لا يقع في هذا تشاحح فهو لا يدري من يخرج ما رأسه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير