[ما معنى هذا البيت الذي قاله الزمخشري]
ـ[سيف الحق]ــــــــ[27 - 06 - 04, 07:03 م]ـ
قال الزمخشري عفا الله عنا وعنه:
مذ أفلح الجهال أيقنت أنني أنا الميم والأيام أفلح أعلمُ.
قرأت هذا البيت ولم أفهم معناه، وربما كان في البيت خطأ، فأرجو من الأخوة إفادتي بشرح معنى البيت.
علماً أن هذا البيت في قصيدة مطلعها:
إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به وأكتمه كتمانه لي أسلمُ
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[27 - 06 - 04, 10:10 م]ـ
هذه القصيدة:
قال الزمخشري (المعتزلي):
وإن يسألوا عن مذهبي لم أبح به ** وأكتمه، كتمانه ليَ أسلم
فإن حنفيا قلت قاوا بأنني ** أبيح الطلا وهو الشراب المُحَرَّم
وإن مالكيا قلت قالوا بأنني ** أبيح لهم لحم الكلاب، وهُمْ هُمُ
وإن شافعيا قلت قالوا بأنني ** أبيح نكاح البنت، والبنت تَحْرُمُ
وإن حنبليا قلت قالوا بأنني ** ثقيلٌ، حَلُولِيٌ، بَغِيْضٌ، مُجَسِّمُ
وإن قلت من أهل الحديث وحزبه ** يقولن تَيْسٌ، ليس يدري ويفهم
تعجبت من هذا الزمان وأهله ** فما أحد من ألسن الناس يسلم
وأخرني دهري وقدم معشرا ** على أنهم لا يعلمون وأعلم
ومذ أفلح الجهال أيقنت أنني ** أنا الميم والايام أفلح أعلم
في هذا البيت يعد الزمخشري نفسه وحيد دهره الذي لم تجُدِ الأيَّام بمثله
فيشبه نفسه بـ: حرف الميم
وأن الأيام: (أفلح) مشقوقة الشفة السفلى
ومن كان هذا حاله لم يستطع أن ينطق بحرف الميم
والله أعلم
ـ[سيف الحق]ــــــــ[28 - 06 - 04, 04:24 م]ـ
شكراً لك أخي خالد، وحبذا زيادة الإيضاح من بقية الأخوان.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[28 - 06 - 04, 08:36 م]ـ
ومذ أفلح الجهال أيقنت أنني ** أنا الميم والأيام أفلح أعلم
إذا كانت الأيام "أفلح وأعلم"، فإنها لا تستطيع إخراج الميم من مخرجها الصحيح، ,
وما دام أهل الجهل قد أفلحوا ونفشوا أرياشَهم ووجدوا من يستمع إليهم ولا ينكر عليهم، على عكس ما ينبغي أن يكون عليه الحال،
فدل ذلكم على أن الزمان قد دار، وأهين فيه أهل العلم كالإمام الزمخشري بحيث أن أمثاله لا حظ لهم من الوقار والاحترام عند المجاهيل، لأنهم لا يُقَدِّرون علمهم ووضعهم. بل ولا حظ للعلماء في عوالي القدر والمكانة بين أولائكم.
فلهذا كانت أيامه عليلة _ حسب قوله _ لا يخرج ولا يبرز فيها أمثاله، لأن الميم لا بد لها من شفاه سوية تنطق بها على وجه الكمال حكما ومخرجا وصفة ومقامة _ إن جازت الأخيرة _
وهذا تشبيه من الزمخشري في غاية من الدقة والجمال وإن قلتَ: فيه استعارةٌ، قلتُ: صدقت، وإن قلتَ: فيه كناية، قلتُ: صدقت.
يدل على ذلكم الشرح البيت الذي قبله:
وأخرني دهري وقدم معشرا ** على أنهم لا يعلمون وأعلم
فأهل زمانِه لا يفهمونه، ولذا كان حائرا لا يبوح بقناعاته المذهبية _ على عِلَّاتِهَا _ لأن المتفهمين قلة.
وهذا ليس ببعيد عن عصرنا هذا، فإن أهل العلم محتقرون ومهمشون، في حين أن الفضائيات _ بعيدا عن المشائخ _ صارت مليئة بالمتردية والنطيحة من المذيعين والمذيعات والراقصين والراقصات الأحياء منهم والأموات، يُفتون ويُدلون بآرائهم حول جميع الأمور الشرعية التي ربما لو سُئل عالمٌ عن بعضها لقال إنها تحتاج إلى مجمع فقهي.
هذا فهمي البسيط للبيت فإن أحسنت فمن الله وإن أسأت فمني ومن الشيطان.
والله المستعان.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[29 - 06 - 04, 09:40 م]ـ
الحمد لله تعالى. والصلاة الزاكية على محمد تتوالى.
لقد أبان الشيخان خالد بن عمر والفاسى المعنى بياناً كافياً، وليس فيما سأذكره زيادة، ولكنه تأصيل للمعنى الذى بيّناه.
ولكن لى تعليق، أرجو أن يتسع له صدر الشيخ الفاسى:
ما كنت أظن أن الشيخ الفاسى يرضى عن تعالى وأنفة وكبر الزمخشرى على علماء زمانه، وفيهم كبراء علماء المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة، وإلا فكلامه محمول على بيان المعنى على ما هو عليه، بغض النظر عن الموافقة أو المخالفة له.
وهاك التأصيل المعنوى:
العَلَمُ والعَلَمة والعُلْمة: الشَّقُّ في الشَّفة العُلْيا. وعَلِمَ عَلَماً، فهو أَعْلَمُ، يعنى مَشْقُوقُ الشَّفَة العُلْيَا. و عَلَمْتُه أَعْلِمُه عَلْماً: شَقَقْتُ شَفَتَه العُليا. ويقال للبعير أَعْلَمُ لِعَلَمٍ في مِشْفَرِه الأَعلى. والرجل أعْلَم , والمرأة عَلْمَاء.
فإِن كان الشق في الشفة السفلى فهو أَفْلَحُ. وقيل: الفَلَحُ شق في الشفَّة في وسطها دون العَلَمِ. وقيل: هو تَشَقُّق في الشفَّة وضِخَمٌ واسترخاء كما يُصِيبُ شِفاهَ الزِّنْجِ. ورجل أَفْلَحُ، وامرأَة فَلْحَاء.
فإذا تبين معنى الأعلم والأفلح، فالذى عناه الزمخشرى أنه كحرف الميم على لسان الأعلم الأفلح، لا يقدر أن ينطق به أو يتفوه على الوجه الصحيح، فهو يتحاشاه ويتجنبه. كأنه يقول: لا ذكر لى على لسان الزمان ولا شهرة , فقد فاز الجهال وأفلحوا وذاعت شهرتهم، فأنى لمثلى أن يُذكر والحال كهذه.
ولا يذهبن عنك أن الزمخشرى كان أحد رؤوس المعتزلة فى وقته، وكان داعية إلى مذهبه، وقد دسَّ أصول المعتزلة فى كتابه فى التفسير المسمى ((الكشاف))، وكان قد استفتحه بأول أصول الاعتزال، وهو ((خلق القرآن)). قال العلامة ابن خلكان: ((وكان الزمخشري معتزلى الاعتقاد، وأول ما صنف كتاب الكشاف كتب استفتاح الخطبة: الحمد لله الذي خلق القرآن، فقيل له متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس، فغيَّره بقوله: الحمد لله الذي جعل القرآن، وجعل عندهم بمعنى خلق)) اهـ.
وقد تصدى علماء السنة للكشف عن دسائس الاعتزال فى ((الكشاف))، وألفوا كتباً كثيرة لنقض أصولها وفروعها وخباياها.
¥