[ما الحكمة في أن المشتغلين بالذكر والفكر يفتح عليهم من الكرامات؟]
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[12 - 07 - 04, 12:52 م]ـ
سُئِلَ (شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله):
مَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْمُشْتَغِلِينَ بِالذِّكْرِ وَالْفِكْرِ وَالرِّيَاضَةِ وَمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ وَمَا أَشْبَهَهُ يُفْتَحُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْكُشُوفَاتِ وَالْكَرَامَاتِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَحْوَالِ - مَعَ قِلَّةِ عِلْمِهِمْ وَجَهْلِ بَعْضِهِمْ - مَا لَا يُفْتَحُ عَلَى الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ وَدَرْسِهِ؟. وَالْبَحْثُ عَنْهُ؟ حَتَّى لَوْ بَاتَ الْإِنْسَانُ مُتَوَجِّهًا مُشْتَغِلًا بِالذِّكْرِ وَالْحُضُورِ لَا بُدَّ أَنْ يَرَى وَاقِعَةً أَوْ يُفْتَحَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ بَاتَ لَيْلَةً يُكَرِّرُ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ لَا يَجِدُ ذَلِكَ حَتَّى إنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُتَعَبِّدِينَ يَجِدُ لِلذِّكْرِ حَلَاوَةً وَلَذَّةً وَلَا يَجِدُ ذَلِكَ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِتَفْضِيلِ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْعَابِدُ مُحْتَاجًا إلَى عِلْمٍ هُوَ مُشْتَغِلٌ بِهِ عَنْ الْعِبَادَةِ.
فَفِي الْحَدِيثِ {إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ}
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: {إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْعَابِدِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ: اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ فَيَقُولُ الْعُلَمَاءُ بِفَضْلِ عِلْمِنَا عَبَدُوا وَجَاهَدُوا فَيَقُولُ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ: أَنْتُمْ عِنْدِي كَمَلَائِكَتِي اشْفَعُوا فَيُشَفَّعُونَ. ثُمَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ.
ثُمَّ إنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُتَعَبِّدِينَ يُؤْثِرُ الْعِبَادَةَ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ مَعَ جَهْلِهِ بِمَا يُبْطِلُ كَثِيرًا مِنْ عِبَادَتِهِ كَنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ أَوْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَرُبَّمَا يَحْكِي بَعْضُهُمْ حِكَايَةً فِي هَذَا الْمَعْنَى: بِأَنْ " رَابِعَةَ العدوية " - رَحِمَهَا اللَّهُ - أَتَتْ لَيْلَةً بِالْقُدُسِ تُصَلِّي حَتَّى الصَّبَاحِ وَإِلَى جَانِبِهَا بَيْتٌ فِيهِ فَقِيهٌ يُكَرِّرُ عَلَى بَابِ الْحَيْضِ إلَى الصَّبَاحِ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ رَابِعَةُ قَالَتْ لَهُ: يَا هَذَا وَصَلَ الْوَاصِلُونَ إلَى رَبِّهِمْ وَأَنْتَ مُشْتَغِلٌ بِحَيْضِ النِّسَاءِ. أَوْ نَحْوِهَا فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَحْصُلَ لِلْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ مَا يَحْصُلُ لِلْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِبَادَةِ مَعَ فَضْلِهِ عَلَيْهِ؟.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[12 - 07 - 04, 12:53 م]ـ
فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
لَا رَيْبَ أَنَّ الَّذِي أُوتِيَ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ أَرْفَعُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْإِيمَانَ فَقَطْ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْعِلْمُ الْمَمْدُوحُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي وَرِثَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {إنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ; إنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظِّ وَافِرٍ}.
وَهَذَا الْعِلْمُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ " عِلْمٌ بِاَللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ " وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ وَفِي مِثْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ وَنَحْوَهُمَا.
¥