تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موجز أدلة إبطال الرأي و القياس في الدين]

ـ[المقاتل 7]ــــــــ[25 - 06 - 04, 06:24 م]ـ

الكتاب والسنة فيهما ما يكفي لإصلاح أمر الدين دون الحاجة إلى أي زيادة عليهما باجتهاد أو رأي أو قياس، و الدين قد اكتمل يوم أن نزل قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم) و في لغتنا الشيء الذي يكتمل لا يمكن الزيادة عليه أصلا. ولذا فكل من يحاول وضع أحكام جديدة في الدين عن طريق الاجتهاد فقد ناقض الآية السابقة، و كأنه يتهم الله بعدم إكمال الدين.

و من هنا فأي اجتهاد بالرأي أو قياس أو استحسان هو مردود على صاحبه لقوله تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء) وقوله تعالى (تبيانا لكل شيء)، وقد أرشدنا الله تعالى ألا نأخذ الأحكام عن أحد غير الله ورسوله، وذلك من تمام البيان، ولذا فإن كل من يحاول باستخدام الاجتهاد تعميم حكم ليس له سند في الكتاب والسنة يكون قد ناقض هذه الآيات. وقد اتفق أهل القياس والاجتهاد في الدين أنه لا يجوز استعمالهما مادام يوجد نص، وقد شهد الله تعالى أن النص لم يفرط فيه شيئا، وأن محمد صلى الله عليه وسلم قد بين للناس كل ما نزل إليهم، وأن الدين قد كمل،فصح بذلك أن النص قد استوفى جميع الدين، فإذا كان الأمر كذلك فلا حاجة بأحد إلى الاجتهاد في الدين.

فالاجتهاد لا يكون إلا أمور الدنيا و الحديث (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) فيه أن الحاكم المجتهد يخطئ ويصيب، و من تعلق بهذا الأثر فقد أحل الحكم في الدين بالخطأ، و هذا مذهب فاسد، فمراد الاجتهاد هو الحكم في نزاع حول أمر من أمور الدنيا، وهذا مراد الاجتهاد الشرعي، و هو الاجتهاد من القاضي في الحكم في موضع نزاع بين متنازعين في أمر من أمور الدنيا وليس الدين، فإذا اجتهد الحاكم فأصاب في فصل النزاع برد الحق لأهله فله أجران و إن أخطأ فله أجر.

و لو كان الاجتهاد في الدين جائزا لكان معنى ذلك أن الله يأمرنا بالاختلاف لأن الاجتهادات بالرأي و القياسات تتعد و لا تتفق، وإقرار الاجتهاد بالرأي يعني إقرار الخلاف، وهذا يناقض الأمر الصريح بعدم التفرق في الدين كما في قوله تعالى (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه).

و قد دلت الكثير من الآيات على ما ذكرناه ..

منها قوله تعالى (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)

أو ضحت الآية أن وضع حكم فيما لا نص فيه هو شئ لم يأذن به الله، وهذا ما يقوم عليه الاجتهاد،والآية تُبطله.

و منها قوله تعالى (و إن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب و ما هو من الكتاب و يقولون هو من عند الله وما هو من عند الله)

هل الأحكام المأخوذة من الاجتهاد موجودة في الكتاب؟ فإن قيل نعم، فكذب صريح، و إن قيل لا،فقد كفتنا الآية الرد.

فكل شئ لم يرد فيه نص وجاء شخص وأوجبه أو حرمه فهو من عند غير الله، والاجتهاد بالرأي والقياس غير منصوص على الأمر بهما، فهما من عند غير الله، وما كان من عند غير الله فهو باطل قطعا بنص الآية.

و منها قوله تعالى (أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم)

دلت الآية على أن ما لم يوصنا الله به فهو افتراء على الله الكذب، ولم تأتنا وصية من الله قط في الحكم في الدين بالاجتهاد والقياس.

و منها قوله تعالى (قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم)

و هذه الآية تجزم بما لا يدع مجالا للشك أن كل ما لم يحرمه الله هو حلال لا يحق لأحد أن يشهد بتحريمه باجتهاد أو قياس.

و منها قوله تعالى (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم و إن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم)

فنهى الله عن السؤال عن أشياء لم ينزل فيها نص، فكيف بأهل الرأي والقياس الذين يسألون حول أمور لم ينزل فيها نص، و يضعون فيها أحكاما من عندهم؟ و هذا ما أدى إلى تفريق الدين إلى مذاهب وجعله مهلهلا.

و قد جاء في الحديث الصحيح (ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشئ فاتوا منه من استطعتم، و إذا نهيتكم عن شئ فدعوه)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير